مذكراتٌ مع كمَّامَة
المحامية آية توفيق المهيرات
27-12-2020 06:50 PM
رِحْلَتي مَعها شَارفَتْ على الإحتفالِ بِسَنويَّتِها على الرُّغمِ مِنْ بَشاعةِ وثُقْلِ أولِ أيَّامِ ارتدائِي لها ، ما كنْتُ أظنُ بِعلاقَتِنَا أَنْ تَسْتَمِر، إلَّا أنَّ الظروفَ حَكَمتْ علينا ألا نَفْترِق!.
حتى أنَّ جميعَ مُحاوَلاتي للتخلُّصِ مِنها في الكثيرِ مِنَ الأحيانِ كانَتْ تَبوءُ بالفشل ، خوفاً من المرضِ تارةً، واتقاءاً لتكبُّدٌ غرامةِ عدمِ ارتدائِها تارةً أخرى.
وما كنت سأعتادُ وجودَها لولا ضرورةَ كَبْحِ انتشارِ العدوى ، وصوتٌ ما يلبثُ يخاطِبُني في المحكمة والعديد من الأمكِنة " ارفعي كمامتك أستاذة" ...
ومع ما سَبَّبته لي من حساسيةٍ لِلجلدِ والبَشرة ، ومِنْ قُْصرِ السمعِ والبصرِ العَجيبِ الغَريبِ الذي يُصيبُني عِندَ ارتدائِها ، إلَّا أنَّها شارَكَتْني ضَحِكاتي الصغيرةَ والكبيرة والصفراءَ والبريئة !
وشاركتني حديثَ الذاتِ الخافتِ الذي كنتُ أخفيهِ قبل ارتدائِها !
وتستَّرَت عليَّ وأخفَتْ مَلامِح امتعاضِي في الكثيرِ مِنَ المواقِف !
وجنَّبَتني التقاطَ الفايروس!
وما إِنْ وَصَلتُ إلى مستوىً جيد مِن تحسين العلاقات الدبلوماسية معها ، والسماحِ لَها بِإحتلال جُزءٍ كبيرٍ مِنْ وجهي ، حتى بدأت حروبُ المُجادلات والدراسات على فاعليتها في كَبْحِ العدوى ، فكنت في حيرةِ أخذ اللقاح وأصبحتُ في حيرَتَيْن ؛ أخذِه وارتداءِها ، وبكلِّ الأحوال لا شَكَّ أنَّها عاملُ إبطاءٍ مساند!
ثُمَّ ظهرتْ أصواتُ القائلين بأفضليةِ كمّامَة القماش على الكمامة الطبية ولا أجد وصفاً لِذلك سِوى ما غنَّى العندليب :
"واللي شبكنا يخلصنا"!.
يبْدُو أَنَّ الرحلةَ بِرِفقَتِها قَدْ تطول ، إلى أنْ يشاءَ الله ، وإلى حينِ يَشاء أسألُ الله أنْ يرفعَ عن العالمِ أجمع هذا الوباء ، وأن يحفظكم وإيانّا من كل بلاء.
دمتم سالمين.