الازمة حالة طارئة متزامنة مع خطر وشيك يهدد الحياة او الصحة او الممتلكات او المال وقد يؤدي إلى وقف العمل واحداث شلل في الحياة العامة وفقا لنوع الازمة ومدى تأثيرها والقدرة على مجابهتها والحد من تداعياتها وآثارها.

والازمة تأخذ أشكالا كثيرة مثل وقوع الكوارث العامة من زلازل وبراكين واعاصير وفيضانات وعواصف رمليه وقد تكون حروبا ومعارك ونزاعات مسلحة او انتشار للاوبئة والأمراض وقد تكون أزمات مالية واقتصادية.. الخ.

والازمة في غالب الأحيان تكون مفاجئة وغير متوقعة ولا تكون المعلومات اللازمة للتعامل معها متوفرة بشكل يسير وتكون على درجة عالية من الخطورة والتداعيات غير المتوقعة وتحدث ارباكا للدولة ومؤسساتها الرسمية وغير الرسمية وتخلق حالة من الهلع والخوف للمواطنين.

ومن هنا قامت مختلف الدول بإنشاء هيئات ومراكز متخصصة لإدارة الازمات بموجب قوانين وأنظمة تؤطر لعملها وتنظم إجراءاتها وتعمل على التنسيق بين جميع الأجهزة المعنية بالتصدي للازمة الراهنة.

ولعل من أبرز الأسس للتعامل مع اية أزمة ناشئة هو التخطيط السليم المبنى على توفير المعلومات والبيانات ودراستها وتحليلها وخلق قرة على التنبؤ بنتائج الازمة وتأثيرها السلبية واستنباط الفرص المضيئة للحد من آثارها وتقليل الخسائر إلى أدنى حد ممكن سواء كانت خسائر بشرية او مادية.

ويعد التنسيق بين مركز إدارة الازمات والمؤسسات الرسمية والمنظمات التطوعية ركن اساسي من أركان مواجهة الازمة
وتداعياتها ومحاولة السيطرة عليها من خلال استثمار المعلومات المتوفرة ومحاولة الحصول على اكبر قدر منها والمتابعة الحثيثة لمجريات الازمة وتحولاتها وتفاقمها.

ويلعب الإعلام بأشكاله المختلفة دورا مهما في الحصول على المعلومات من مصادرها الموثوقة ونشر الاخبار بمصداقية وموضوعية والحد من الذعر والخوف الذي يرافق الازمات عادة.

وبالعودة إلى أزمة وباء كورونا التي ظهرت في الاردن بشهر آذار الماضي وكان الاردن كغيره من الدول يعلم ببداية انتشار هذا الوباء في الصين ولم تكن هناك معلومات كافية عن طريقة انتشاره وكيفية التصدي له إلا ما رشح من معلومات عن كيفية تعامل الصين مع هذا الوباء الطاريء الذي ليس له علاج ناجع او لقاح يحد من انتشاره.

وقد اخذت الأجهزة الرسمية استعداداتها بعد ان بدأ الوباء بالانتشار بطريقة المتوالية الهندسية وكانت الإجراءات التي اتخذت في الاردن صارمة جدا وربما ادت إلى الحد من انتشاره وبقيت الحالات محدودة جدا على مدار الشهور الأربعة الأولى ولظهور بعض التغيرات في الإجراءات الوقائية على الحدود والمعابر وضعف التزام المواطنين باجراءات السلامة العامة بدأ الوباء بالانتشار السريع إلى حد تسجيل آلاف الحالات في اليوم الواحد وعشرات الوفيات يوميا.

ومن خلال تجربة إدارة هذه الازمة بدا واضحا ونتيجة لنقص المعلومات وعدم وجود تجربة سابقة في التعامل مع مثل هذه الحالة انه كان هناك تشدد اكثر من اللازم في آليات فرض الحظر الشامل والجزئي ومنع حركة المركبات والاغلاق التام للقطاعات الحكومية والمنشآت الاقتصادية والشركات أدى إلى خسائر مالية كبيرة وافلاس العديد من الشركات والتجار وانقطاع سبل العيش لعمال المياومة وأصحاب المهن والحرف وخسارة كثير من الموظفين لأعمالهم وازدياد الفقر والبطالة وانخفاض ملموس في إيرادات الدولة.

وهنا ينبغي الاستفادة من التجارب الماضية واخذ العبر والدروس والوصول إلى قناعات مفادها ان الحظر الشامل غير مجد وبه الكثير من العيوب وسوء النتائج وان الأجدر إلغاء الحظر الشامل والاستعاضة عنه بسلسلة من إجراءات احترازية تمنع التقارب الجسدي والاختلاط غير المنظم والتركيز على إجراءات السلامة العامة وخاصة ارتداء الأقنعة واستخدام التعقيم ومنع التجمعات.. الخ.

ولعل عودة الحياة تدريجيا إلى طبيعتها مع مراعاة الإجراءات الوقائية هو السبيل إلى بعث الحياة الاقتصادية والانتاجية وتحرير البطالة والفقر والنهوض بالاقتصاد الوطني وتعافيه.