هل أعاد كورونا الدولة للحضور؟
د.مهند مبيضين
27-12-2020 12:28 AM
تطرح سيرة المرض/ وباء «كورونا» العديد من الأسئلة، والنتائج، البعض يرى أنها تأخرت، وأنها كشفت عن حجم الخلل الاجتماعي الذي ساد قبلها، وأن الأزمة بينت الصديق من العدو، واظهرت حجم التكاتف الاجتماعي، وأنها كشفت عن صدقية العلاقات بين الناس. والبعض يراها أنها كشفت عن ضعف قدرات المؤسسات، وكذبة كبرى في التعليم عشنا عليها وهي الحوسبة والرقمنة.
الدولة أيضا، اكتشفت حتمية بقائها في القبض على زمام الأمور كذلك اكتشف المواطن حنينه للدولة، خاصة بعد ان رأى الموظف في القطاع الخاص أنها مهدد برزقه، وفي المقابل الموظف في القطاع العمومي يقبض كل الراتب بلا مِنّة ولا تهديد، ولا حاجة لأن يطلب عملاً من البيت، وفي الحقيقة الموظف العمومي كان المنتصر الوحيد.
لذلك رغب الناس بعودة سلطة الدولة، وكان هذا بادياً عندما صدرت أوامر الدفاع، ونزل الجيش للشارع وقرّ وربض شهوراً، على مداخل المدن وفي الشوارع، ففي بلد غالباً ما حافظ على بقائه الجيش في الثكنات كان النزول للشارع أمراً نادر الحدوث، لحدّ ان البعض استقبل الجيش بالورد، برغم أنه كان يمارس مهمة امنية تتصل وتتعلق بحرية حركة الناس.
القطاع الخاص والموظف العامل بمقهى او فندق او محل تحف كان أكبر الخاسرين، والنماذج كثيرة في الخسارات الفادحة، مما احال هذا العام إلى عام الفوادح، ومما جعل الاقتصاد يئن، ما جعل عقداً كاملا يبدأ بمهزلة اسمها الربيع العربي 2011، وينتهي بمصيبة اسمها الكورونا، وهي بفعل عمل البشر كما يرجح الخبراء.
لم يخلق للعرب خصوصا، سنوات عشر عجاف كما مرّ عليهم، أواطن تقسمت، ودول ارهقت بالدم والصراع، وأخيراً جاء هذا الوباء المخيف العجيب، والحقيقة التي اوجدها هي ضرورة تعميق حضور الدولة، وضرورة امتلاكها لمصانع غذاء ومخزون قمح، وإنتاج الطعام من الخضروات واللحوم بسواعد أبنائها.
نعم اعادت الجائحة الاعتبار للزراعة، والقطاعات الخدمية، وسلطة البقالة الصغيرة في الحي، وأثبتت ان متاجر التجزئة الكبرى /المولات لا تخدم إلا روادها، وان دكانا صغيرا قد يفيد الناس أكثر بكثير ممن نتوهم في المولات. نعم نحن بحاجة لمراجعة سياسات التخطيط الحضري في العاصمة، وتوزيع أفضل للرخص المهنية وسط الحارات، واحياء فكرة مخبز الحي ودكانه. هكذا تكون المصائب اقل فداحة على الناس.
الدستور