بعيد كالشمس قريب كالثواني
د.أسمهان ماجد الطاهر
24-12-2020 12:05 PM
في زمن كوفيد19 بتنا نشعر بأن الأحلام بعيدة كالشمس قريبة كالثواني ، وما بين البعيد وتلك الثواني بتنا نسكن على حافة أمل.
تمر الأيام بنا، يفصل بيننا وبينها جسر طويل من الترقب، والتوقع، والضياع .وفي زحمة الاحتمالات تاهت العديد من الأمنيات.
في زمن كوفيد19 كل شيء قيد المراهنة، والمساومة، والربح والخسارة ،حتى مشاعرنا وصحتنا.
يستحق أن نطلق عليه الزمن الصعب، فيه لم نعد نحتاج من يفسر لنا أحلام النوم، بل نحتاج إلى من يفسر لنا ما نراه ونحن مستيقظين. في داخل كل منا رغبة في أن يغلق حقيبة السفر ، ويرحل نحو البعيد، ليس حبًا بالرحيل لكن خوفا من هواجس البقاء. نعيش على حافة أمل بأن ينتهي الوجع.
في زمن الجائحة قصص عديدة مغلفة بالألم.
يحكى أن امرأة أصابها الفيروس اللعين، فسكن الخوف بقلبها،ولم تغادرها حلاوة الروح التي تجعل البشر يتمسكون بأطراف الحياة بشغف كلما شعروا بالخطر.
تألمت كثيرا ،وبكت طويلًا حتى خف بريق عينيها. لكن في زحمة الوجع ظهر أمامها ضوء ماسي شديد اللمعان ،أضاء لها الأفق، وظل يلهم روحها ليلًا نهارًا ، مؤكدًا بأن الغد القادم أجمل.
هو فارس يشبه الماس في قوته وصلابته ،كان يخاطبها قائلا:" سأكون بجانبك في أسوء الظروف، لن أسمح للفيروس بأن يغتال الطفل النقي الذي يسكن روحا لم تلوثها الحياة".
ظل بجانبها يقنعها بأن تصنع من خيوط شعاع الفجر الجديد القادم ضفيرة تزين شعرها.
رفض أن يرى الحزن في عينيها. أخبرها عن يمامة بيضاء قوية ستتعافى لتحلق من جديد في السماء. كان يناديها بصوت دافئ:"لا تخافي ولا تحزني. ويمنعها من الاستسلام كلما ضعفت، واستل الألم طمأنينة روحها.
كان الفارس يشبه شعاع الماس الذي يصر على أن يهزم ظلمتها.
الفارس الأبيض كان يقف فوق رأسها كلما ضاقت أنفاسها، و يغلق كل النوافذ في وجه كل رياح قد تفقدها السلام والهدوء.
وبعد أن ظنت بأن المراكب غرقت بها وخذلتها، جاء هو كملاك بدون أجنحة؛ ليعلمها كيف تتحول من امرأة إلى نورس، وتحلق عاليا وتهزم الوجع.
في ذلك الصباح عادت إلى الحياة بأنفاس قوية ،وكان عليها المغادرة، نظرت للفارس الأبيض الذي أنقذ روحها من الفيروس اللعين، قائلة:" يربطني فيك ألم عانيناه معا".
الكلمات تقف عاجزة عن وصف ما شعرت به خلال تجربة الوجع، ولن تستطيع الكلمات التعبير عن العرفان لك، لكن كم هو جميل إذا كانت جروحك تنزف أن تجد من يقوم بتضميد جراحك.
تجاهل الوجع لن يشفي، وعلينا أن نوجه تحية تقدير عظيمة للجيش الأبيض الذي وقف بقوة لمحاربة أوجاع سببتها الجائحة، بكل عزم وإصرار وقوة تحاكي شجاعة الفرسان.