كل سنة في مثل هذا الوقت يعود الحديث بقوة عن مكافحة الفساد، والسبب فيما يبدو هو موعد تقديم تقرير ديوان المحاسبة.
في فترة ما نجحت صناعة الإثارة في تحويل الأردن إلى ساحة مفتوحة للفساد، لكنها نجحت أيضاً في تقويض الثقة بالإدارة العامة , هذه الرواسب لم تنته بل لا تزال تجد رعاية من أطراف عدة.
دعونا نعترف أن مكافحة الفساد في ذروة ربيعها الأول كان فيها إثارة أكثر من اللازم واختلاط في مفهوم إشاعة العدل والاستجابة لاتجاهات الرأي العام المتناقضة والمتحاملة في آن معاً وهو ما كان له تاثير لا ينكر على مسار القضايا ومخرجاتها على حد خيط رفيع بين عدم الانجرار وراء الدسائس واغتيال الشخصية، وبين تحري الحقيقة.
قد ينفع التكرار هنا وهو مما كان يغضب كثيرا من المتحمسين المتعجلين لقطف النتائج والرؤوس مع أن كثرة الحديث عن وجود فساد له اثر سلبي على الاقتصاد وعلى الاستثمارات، وقد غاب عن فلسفة مكافحة الفساد في بعض الأحيان أنها تقوم على تحري العدل قبل تحقيق السبق في الإدانة.
كثرة الحديث عن الفساد توحي وكأن الهيئة غارقة في أكوام من ملفات الفساد، وأن عليها أن تعلن النتائج بسرعة بما يشفي غليل المنتظرين لكن عليها أيضاً أن تعلن أدلة البراءة بذات الجرأة التي تسارع فيها إلى تقديم أدلة الإدانة التي أصبحت عنواناً للإنجاز بينما يلوذ من أصابتهم سهام الاتهام بجراحهم دون أن يضمدها أحد.
الفساد ليس شبحاً بل حقيقة موجودة وملموسة، لكن كثيراً من القضايا تقع في إطار اغتيال الشخصية لتقديم قرابين للشارع الجامح.
معاداة رأس المال والنظر إلى المستثمر نظرة شك تضع الموظف والمسؤول تحت ضغوط تدفع به إلى تعطيل المعاملات وضياع الفرص وتضع المستثمرين تحت القصف مجدداً.
القضاء يجرم مرتكب جرم الفساد لكنه لا يحاسب من يشيعه بلا دليل.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي