نحتفل باليوم العالمي للغة العربية، واشد ما نكون سيئين باحترامها وتحقير معاييرها. ومن اين ابدا? مثلا، صخب البنوك والشركات التجارية باستخدام اللهجات العامية ولغات اجنبية في مراسلاتها وخطاباتها واعلاناتها.
و لربما ان الامر لا يتوقف هنا، فالمسؤولية تتفاقم مخاطرها عندما تدب في الادارة الحكومية اللهجات واللغة الاجنبية. ويعتذر عن استعمال اللغة العربية. ويصير خليط اللهجات المشوهة، هو عنوان اللسان الرسمي والشعبي.
اللغة العربية غريبة في ديارها، وهذا ليس حال الاردن فحسب . احلال واستغناء تدريجي عن اللغة العربية. وغدا استعمال اللغة العربية للمناسبات والاحتفالات الدينية وخطب الجمعة.
العرب هجروا لغتهم. ولربما هذا من اسرار هزيمة العرب حضاريا. لماذا تاخرنا واصابنا هذا التخلف؟ لاننا تخلينا عن لغتنا وهجرناها. هجر العرب الفصحى بذريعة انها معقدة وصعبة وماضوية، واحلوا عوضا عنها لغات اجنبية ولهجات محلية.
من هنا بدات الهويات الوطنية بالتفكك والتشظي والمحو. تحقير للذات الحضارية والثقافية، وتبعية واعجاب وانبهار بالاخر. وما يثير السخرية والحسرة معا من شدة احتقار العرب لهويتهم وذاتهم الحضارية والثقافية اطلاق اسماء اجنبية وغربية وليس لها صلة واصل وفصل بتراثنا ومعجمنا وهويتنا.
صديقان احدهما يعيش في امريكا، يحرص على تعليم اولاده اللغة العربية، ويسجلهم في مراكز ثقافية عربية، ويدمجهم في دورات تعليم : وجاهي وتعليم عن بعد ليتعلموا العربية كتابة ونطقا، وفيما الصديق الاخر، وهو يعيش في الاردن، يسجل اولاده في مدرسة اجنبية، واولاده يتكلمون العامية، ويبرر ذلك انه يعدهم للتصدير للخارج. ويقول: ما نفع العربية اذن!
من ينصبون انفسهم حماة للغة العربية، وما يوظفون بهذا الصدد لاعادة قتل العربية. فهل ابدعوا في مجامع اللغة العربية واقسام اللغة العربية في الجامعات الاردنية والعربية بترجمات وتعريب، واعداد معاجم جديدة وتطوير الارث المعجمي وماذا اثروا المكتبة العربية؟ طبعا لا.
فارس الحباشنة