تشكل اللغة العربية عمود الارتكاز لهويتنا وهي الحاضنة لكينونتنا وتشكلنا التاريخي كعرب، وهي الذاكرة التي توثق وتؤرخ لحضارتنا وأفعالنا وعطائنا الفكري والعلمي، وترسم باحرفها إبداعات العرب المعاصرين بل وتحمل اشواقنا نحو المستقبل، وأنها رأس الثقافة العربية والدليل الأوضح على وحدة العرب، وطريقنا العريض للتواصل والابقاء على الحدود المعنوية مفتوحة بين أقطارنا رغم بشاعة الحدود والتأشيرات والتقسيم القسري للجغرافيا.
وإذا كانت اللغة العربية بهذه الأهمية في حياتنا فهل نبذل كعرب في كل دُولنا جهداً رسمياً وثقافياً وإجرائياً لحمايةِ اللغةِ العربية، وهل نسعى إلى تمكينها من مواكبةِ التقنيات والعلوم المعاصرة؟ فاللغة ايها السيدات والسادة كائن حي، يحتاج إلى تغذية دائمة وإلا فإنه يضعف ويتوارى كما هو مصير اللغات التي سادت ثم بادت.
إن لغتنا،رحِبة، قادرة على استيعابِ كل جديد.. بل وتتفوق على كلِ لغات الدُنيا من حيث عدد المفردات بل ومرونة تطويعها، وبالتالي سهولة اشتقاق المعاني ونحت المصطلحات. وأن على دولنا أن تشجع الترجمة وخصوصاً في العلوم البحتة، مقدمة لتدريس العلوم جميعها في اللغة الأم كما تفعل الكثير من الأمم التي لايمكن للغاتها أن تطاول مكانة اللغة العربية وسعتها.
ما يحزنني ما نلاحظه في أكثر من مدينة عربية ذهاب البعض إلى الكتابة باللهجة المحكية، واعتماد علامات تجارية مكتوبة بالعامية. وما يحزننا حين نستمع إلى بعض السذج حين يتحدثون «بتفاخر أجوف على أن أبناءهم يتقنون اللغة الإنجليزية لكنهم ضعفاء جدا في اللغة العربية!!. تعبير فج عن حالة الاستخذاء والتبعية الثقافية للآخر.
وأعتقد جازماً أن من مهمة الجهات المختصة أن تتصدى عبر الأنظمة إلى منع تلك الظواهر التي تسيء إلى لغتنا.
مع ضرورة اعتبار اللغة العربية في المناهج المدرسية والجامعات والتقدم إلى الوظائف العامة أو في الشركات كمتطلب رئيسي. علماً أن الكثير من الخريجين اليوم لا يمتلكون القدرة على النطق الصحيح والكتابة الصحيحة بالعربية. ما يدلل على أن تقييم الطلبة لمتطلب إتقان اللغة العربية يتم دون اهتمام.
إن نقطةُ البدءِ بذلك، إنما تشترط توحيدُ مجامع اللغةِ العربية بمجمَعٍ واحد، حتى نتجنب تعدد وتباين المصطلحات المستحدثة التي تخص نفس المعنى، فاللغة واحدة ولا يجوز أن تطالها التجزئة اللعينة!!
في يومِ اللغة العربية كتبَ بالأمس معالي الدكتور العلامة سعيد التل بحثاً قيماً، على الامةِ أن تأخذَ بمضامينه حيث قام بتشخيص حالة اللغة العربية وعددها ب «20» نقطة ووضع الكثير من الإجابات العملية لإعادة الألق للغة العربية ولمكانتها في حياتنا.
والله والوطن من وراء القصد.
الرأي