سرّ شراء شركات صينية 100 مليون جرعة من لقاح فايزر
18-12-2020 08:55 PM
عمون - كما كانت الصين مصدر فيروس كورونا الأول، فإنها أيضا أصبحت أحد مصادر لقاحاته، إلا أن خطوة اتخذتها شركة صينية منذ أيام أثارت علامات استفهام حول جدوى اللقاحات الصينية.
وأعلنت مجموعة "فوسونفارما" الصينية أنها ستستورد العام المقبل، 100 مليون جرعة من لقاح فايزر/بايونتيك المضاد لكوفيد-19، رغم أن بكين تعد لقاحاتها الخاصة.
ولدى الصين خمسة لقاحات ضد فيروس كورونا المستجد في المراحل النهائية من التطوير، لكن لم يتلق أي منها موافقة رسمية من السلطات ولم يتم نشر نتائج تجاربها في المراحل الأخيرة بعد.
على الناحية الأخرى، حصل لقاح "بايونتيك" الذي تم إنتاجه بالتعاون مع مجموعة فايزر الأميركية على ترخيص في العديد من البلدان، بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة حيث بدأ التطعيم.
وفي بيان أرسلته إلى بورصة هونغ كونغ، الأربعاء، قالت "فوسونفارما" الصينية، إن "بايونتيك" ستؤمن لها "100 مليون جرعة على الأقل من اللقاح ضد فيروس كورونا المستجد في الصين القارية في 2021".
هذه الخطوة أثارت علامات استفهام كثيرة من بينها، لماذا تلجأ الصين للقاح مستورد، رغم أنه لديها خمسة لقاحات مختلفة؟ وذلك وسط تقارير تشكك في أمان وفاعلية اللقاحات الصينية.
"للنخبة فقط"
المدير السابق لمعهد باستير في كوريا الجنوبية، وخبير علم الفيروسات وعلم الأورام، حكيم جاب الله، قال إن شراء الصين لمئة مليون جرعة من مصادر أجنبية غير مفاجئ.
وأضاف جاب الله أن "الصين تسعى لتنويع إمدادات لقاحات كورونا، وعلى الأرجح أن يمكن أن تكون هذه اللقاحات (الأجنبية)، تستخدم فقط على أفراد النخبة في الصين".
وأشار جاب الله إلى أنه لا يعلم ما إذا كان لقاح فايزر/بايونتك، قد حصل على ترخيص من جانب الصين حتى يتم توزيعه على الفئات التي ستتلقاه.
من جانب آخر، يرى الخبير في الشأن الصيني بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات "FDD"، كريغ سينغلتون، أنه "ليس من المستغرب أن تتطلع الصين إلى التحوط من الرهان على لقاحاتها المحلية، من خلال الاستفادة من اللقاحات المطورة في الولايات المتحدة".
وأضاف سينغلتون "لقد فشلت جهود الصين لتطوير لقاح كورونا خاص بها حتى الآن وهناك أدلة قليلة فقط يمكن من خلالها التحقق من أن اللقاحات الصينية المرشحة آمنة أو فعالة بشكل خاص".
يذكر أنه في البيرو، علقت تجارب لقاح "سينوفارم" الصيني بعد اكتشاف مشكلات عصبية لدى متطوع، فيما قالت وكالة تنظيم الصحة البرازيلية، الإثنين، إن الصين استخدمت معايير "غير شفافة" لمنح الموافقة التسويقية الطارئة للقاح آخر هو "كورونافاك" لمختبر سينوفاك.
"ربما هندسة عكسية"
وتابع سينغلتون "بالنظر إلى التقارير التي تفيد بأن كيانات صينية حاولت سابقا سرقة معلومات حساسة حول تجارب اللقاحات الأمريكية، فمن المحتمل أيضا أن يدرس العلماء الصينيون عن كثب عينات اللقاح الأمريكية المعتمدة هذه ويحاولون إجراء هندسة عكسية لها".
وأشار الخبير في الشأن الصيني إلى أن مثل هذه التحركات ستكون متسقة مع تاريخ الصين الطويل في سرقة الملكية الفكرية التي تديرها الدولة، والتي تتكون من سرقة الشركات الغربية وتكرارها واستبدالها في نهاية المطاف في السوق العالمية.
وكانت شركة فايزر قد أصدرت بيانا أعلنت فيه أن وثائق تتعلق بلقاح "فايزر/بيونتيك" ضد وباء كوفيد-19 تعرّضت للقرصنة خلال هجوم إلكتروني، لكنها أكدت أن "أيا من نظامي بيونتيك أو فايزر لم يخترق كما لم ترصد أي قرصنة للبيانات الشخصية".
ويأتي الهجوم الإلكتروني بعد سلسلة تحذيرات في الأشهر الأخيرة من عمليات قرصنة إلكترونية على صلة بالجائحة قد تستهدف مختبرات وشركات أدوية غربية.
وكان الرئيس السابق لوكالة الأمن السيبراني التابعة لوزارة الأمن الداخلي الأميركية، كريس كريبس، قد صرح منذ عشرة أيام، أن روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية حاولوا مؤخرا سرقة المعلومات وحقوق الملكية الفكرية المتعلقة بلقاح فيروس كورونا.
كما أشار سينغلتون، إلى أن السبب من وراء هذه الصفقة أيضا، إلى احتمالية تحقيق "فوسونفارما" الصينية، مكاسب مالية كبيرة، حيث ستجني الشركة ما يقرب من 60 بالمائة من إجمالي الأرباح السنوية من بيع جرعات اللقاح المصنوعة من المكونات الخام المستوردة، و65 بالمئة من وراء مبيعات الجرعات الجاهزة المستوردة.
على الناحية الأخرى، يرى أستاذ علم انتشار الأوبئة والفيروسات في كلية الصيدلة بجامعة مصر، إسلام عنان، أن غرض الصفقة تجاري بحت
وقال عنان "لايوجد تفاصيل كثيرة حول الصفقة، ولكن الأمر على الأغلب تجاري، الشركة الصينية اشترت مئة مليون جرعة، في حين أن الصين تنوي توفير مليار و600 مليون جرعة من الإنتاج المحلي، الفكرة هنا هو المساعدة في الإمداد باللقاح، وإتاحة لقاحات بتكنولوجيا مختلفة لمن يريد".
وأشار عنان إلى أن التعاقد لم يكن بين الحكومة الصينية والأميركية، وإنما بين شركة "فوسونفارما" الصينية وشركة فايزر الأميركية، ما يرجح أن الأمر غرضه تجاري.
لماذا يتفوق اللقاح الأميركي على الصيني؟
الطبيب والعالم المتقاعد من الجيش الأميركي، أيزن ماروغي، أشار إلى عدة أسباب وراء شراء الشركة الصينية للقاح فايزر، والتي تعود بشكل رئيسي إلى محدودية فعالية اللقاحات الصينية.
وقال ماروغي إن اللقاحات الناجحة بشكل عام، تتركز استراتيجيتها على منع وصول الفيروس إلى الخلايا البشرية من خلال منع ارتباط المسامير البروتينية بالخلايا البشرية، وذلك من خلال تصنيع الأجسام المضادة المعطلة والمعرقلة.
لكن، الصين وروسيا تستخدمان طرقا تقليدية قديمة في صناعة اللقاحات، والتي تستدعي تكوين الأجسام المضادة ولكن بمعدل أقل. وعلى سبيل المثال، تستخدم هذه التقنية من قبل شركة "سينوفاك" في لقاحها الذي يسمى "كورونافاك"، والذي لا زالت تُجرى عليه المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في دول البرازيل وإندونيسيا وتركيا وشيلي.
وتابع ماروغي قائلا أن "الاستراتيجية المثلى لتطوير اللقاح تعود إلى الاستفادة من المعرفة التي حصلنا عليها من مشروع الجينوم البشري الأميركي، والذي شاركت فيه في فترة 1989/1990".
وأوضح ماروغي أن هذه المعرفة التي وفرها مشروع الجينوم البشري كانت أساسا لصناعة لقاحات كورونا الأميركية الأخيرة، والتي تنتجها شركتي مودرنا، وفايزر/بايونتك.
تعتبر نسبة فعالية لقاح مودرنا هي الأعلى بين جميع اللقاحات عالميا، حيث وصلت إلى 95 بالمئة.
وبسبب استخدام الولايات المتحدة تكنولوجيا متطورة بالمقارنة مع الصين وروسيا وبقية الدول، فإن نسبة فعالية لقاح مودرنا إلى 95 بالمئة، فيما وصلت نسبة فعالية لقاح فايزر/بايونتك إلى 90 بالمئة، وهي نسب أعلى حتى من فعالية لقاح أوكسفورد البريطاني، التي وصلت إلى 70 بالمئة.
أما عن ادعاء الصين بأن لقاحات شركتي "سيونفاك" و"سينوفارم" و قد وصلت إلى نسبة 100 بالمئة، و86 بالمئة، فقال الطبيب الأميركي أنه أمر يصعب تصديقه بدون مراجعة البيانات.
وأشار ماروغي إلى أن الشركات الأميركية قد حققت إنجازا علميا كبيرا بوصولها إلى نسبة فعالية 90 بالمئة و95 بالمئة، فقبل ذلك كانت أقصى نسبة فعالية تصل إليها لقاحات بعض الأمراض مثل الملاريا والسالمونيلا، إلى 30 بالمئة و35 بالمئة.(الحرة)