جدليّة السياسات النقدية والمالية في الأردن
د. حسين البناء
17-12-2020 03:44 PM
يلتزم الأردن بسياسات نقدية بالغة التحفظ منذ الأزمة الاقتصادية عام 1989 وبات مما يشبه المقدسات التمسك بمؤشري سعر الفائدة وسعر الصرف.
في ذات الوقت الذي يفتقد فيه "الأردن الاقتصادي" للمرونة في ما يتعلق بسعري الصرف والفائدة، فإنه يذهب بعيدًا وبشكلٍ مندفعٍ في سياسات مالية واقتصادية أخرى! كملفات كبرى وحساسة كالخصخصة وأسعار المشتقات النفطية والاستقرار التشريعي بما يتعلق بالضريبة والجمارك وملفات الفساد وملف الكهرباء واتفاقية الغاز وأموال الضمان الاجتماعي ...الخ
يبلغ سعر الفائدة في حدود 2.5% على الودائع وقد تصل 9.5% على القروض، ويثبت سعر الصرف على 0.71 دينار للدولار الأمريكي.
في ذات الوقت بلغ سعر الفائدة في الولايات المتحدة 0.25% وفي اليابان0.1- % وفي بريطانيا 0.1 % وفي مصر 10% وفي تركيا 15%.
يتم تقديم مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2021 في حدود 10 بليون دينار منها 2 بليون من العجز المتوقع، فهل سيتم تمويل العجز من الاستدانة خاصةً في ظل انعدام فرضية رفع السقوف الضريبية حسب التصريحات الرسمية ونظرًا للأثر السلبي للضرائب على الحالة الاقتصادية ككل كما ثبت مؤخرًا؟!
بلغ الدين العام مع نهاية هذا العام 2020 ما قيمته 33.5 بليون دينار بما نسبته 108% من الدخل المحلي الإجمالي، وقد كانت الاستدانة متوقعة هذا العام بشكلٍ خاص كنتيجة لتداعيات جائحة كورونا على الأوضاع العامة.
جعبة صاحب القرار الاقتصادي تحمل عدة أدوات مالية ونقدية من شأنها التأثير على مؤشرات الاقتصاد الكلي والجزئي، ومن أهم ما ينبغي العمل عليه حاليًا هو الخروج من حالة الركود ونقص السيولة وتراجع الطلب وارتفاع نسبة البطالة والكساد العقاري.
من هذه الأدوات هو الاستعاضة عن الاستدانة بإصدار نقدي متوازن يضمن نسبة تضخم معقولة في مقابل تنشيط الطلب، وخفض سعر الفائدة وخفض هامش التحوط والاحتياطيات على أمل تحفيز التوجه للاستثمار وتوفير السيولة، وخفض سعر الصرف على نية تحفيز الصادرات ورفع تنافسيتها السعرية.
الجرأة على الاستدانة ليست أقل خطورة من الجرأة في القرارات النقدية والمالية الأخرى، فمِن المطلوب التحرك باتجاه حلول مبتكَرة خارج إطار قدسية سعري الصرف والفائدة.
بدون ذلك، سنكون أمام برامج قاسية للبنك الدولي قد يدفع الجميع ثمن تبعاتها السياسية والاجتماعية.