هل تراجعت شهية البنوك لاقراض الحكومة؟
محمد عاكف الزعبي
16-12-2020 01:42 PM
اصدار سندات الخزينة الاخير رقم ٣٥ اثار بعض التساؤلات حول سيولة القطاع المصرفي وشهية البنوك لاقراض الحكومة بعد ان تمت تغطيته بنسبة ١٠٠٪ فقط.
اول ما يتبادر الى الذهن عند سماع هذا الرقم هو عدم توفر سيولة كافية لدى القطاع المصرفي للاكتتاب بسندات الخزينة. لكن واقع الامر ان القطاع يتمتع بدرجة عالية من السيولة. حيث بلغت السيولة الفائضة يوم امس حوالي ٢٨٦٠ مليون دينار وهو رقم كبير يدلل على وجود وفرة في السيولة لدى القطاع المصرفي.
اما ما يتعلق في شهية البنوك لاقراض الحكومة فهي مفتوحة ولاسباب عدة اهمها الارتفاع المتوقع في معدلات التعثر في ضوء الظروف الاقتصادية الضاغطة، وبما سيشجع البنوك على التوجه نحو سندات الخزينة صفرية المخاطر.
كذلك فان ارتفاع نسبة القروض الى الودائع تحديدا على مستوى الدينار يعني عدم وجود متسع من المساحة امام البنوك لاقراض القطاع الخاص. الامر الذي سوف يزيد من توجه البنوك نحو سندات الخزينة.
عامل مشجع اخر على اقتناء هذه السندات هو سيولتها المرتفعة التي تتيحها نافذة اعادة الاقراض التي يوفرها البنك المركزي والتي تسمح للبنوك ببيع هذه السندات مع التعهد باعادة شرائها في تاريخ مستقبلي. والسيولة في مثل هذه الظروف الاقتصادية الاستثنائية تكتسب اهمية خاصة.
حقيقة الامر ان ضعف اقبال البنوك على الاصدار الاخير يعود بشكل رئيسي الى طول اجله والبالغ ١٠ سنوات.
فالبنوك تعزف عن الاستثمار في الاجال الطويلة اولا لكون الاستثمارات طويلة الاجل تتسبب بحالة من عدم التواءم في الاجال بين كفتي الموجودات والمطلوبات مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر سيولة واسعار فائدة. وهنا تجدر الاشارة الى ان غالبية مطلوبات البنوك قصيرة الاجل لا تتجاوز اجالها العام الواحد.
وثانيا ان البنوك ربما تتوقع ارتفاعا في اسعار الفوائد خصوصا في ضوء التطورات العالمية والموازنة التوسعية التي تضمنت عجزا كبيرا بحوالي الملياري دينار. توقعها هذا يجعل البنوك تحجم عن الاجال البعيدة.
اذن فالمسألة ليست مسألة سيولة ولا مسألة شهية. كل ما في الامر ان الاجال الطويلة لا تناسب البنوك ولا تنسجم مع انماطها الاستثمارية. ولمراقبة شهية البنوك فالافضل متابعة الاصدارات قصيرة ومتوسطة الاجل.