إن حرص جلالة الملك على القاء خطاب العرشِ يَتوافق مع حرص جلالته على إجراءِ الانتخابات النيابية في موعدِها الدستوري بالرغمِ من الظروف التي تعصف بالعالمِ أجمع بعدَ انتشارِ وتفشي فيروس كورونا ما هو إلا رسالة واضحة للجميع على أهمية مسيرةِ النهج الديمقراطي سيّما وأن جلالته قد أطلقَ عَنانَ التوجيهاتِ الواضحة خِلالَ خِطابِ العرش في افتتاحِ الدّورة غيرَ العاديةِ لمجلسِ الأمة التاسع عشر الذي يُواجهُ مرحلةً غير اعتياديةٍ في تاريخِ الوطن.
جلالةُ الملكِ بعدَ أن أكّدَ أن الظروفَ الصعبةَ لم ولن تمنعَ الأردنُ من مواصلةِ المَسيرةِ الديمقراطية وِفقَ الاستحقاقات الدستورية والنجاح بإجراء الانتخاباتِ النيابيةِ المُنطلق من عزيمةِ الأردنيين، أطلقَ رسالتَه الواضحة في وُجوبِ المسيرِ من الجميعِ قُدمًا ومُواصلة البِناء والعطاء سيّما وأن الأردنَ مقبلٌ على المِئَويةِ الثانية الأمر الذي يَتَطلبُ حَتميّة التطوّر في تقديمِ الخدماتِ وتوفيرِ الفُرَصِ لأبناءِ الوطنِ والأجيالِ القادمة , وهُنا يجبُ علينا أن نُدركَ باستحالةِ تحقق هذا الأمر إلا من خلالِ الانسجام اللامتناهي بينَ الجانبِ التشريعي والرقابي والأداءِ الحُكومي والعمل على تغليبِ المصلحة العامة واطلاقِ التفكير المَرِن والتحرّكِ السريعِ المدروس المتسلّح بالمعرفةِ والخبرة.
إن الإشارةَ في خطابِ جلالته إلى التاريخِ العظيمِ للأردن يُعزّزُ لدى أبنائهِ القدرةَ على التعاملِ مع المُستقبل وتذليل التحديات وإزالة العقبات والمحافظة على الأردنِ الذي بُنيَ بسواعدِ الأوائل الذينَ سَقوا تُرابَهُ بعرقِهم ودمائِهم لِتستمرَ مسيرةُ الآباءِ والأجداد التي ما زالت ملامحُ خُطاهُم واضحةً في دربِ التاريخ.
جلالةُ الملكِ يوجّه العملَ لضمانِ صحة وسلامة المواطن ودفع العمل بإتجاه حماية الاقتصادِ الوطني من خِلال إيجاد الخِطط الواقعية ومن خِلال استغلال الفُرص الواعدة وتفعيلِ دور الرقابة والتشريع وتبنّي نهجَ المُكاشفة والشفافية في الأداءِ الحكومي ومُحاربة الفساد والتعامل مع الاعتداءِ على المالِ العام على انه جريمة بحق الوطن والمواطن ولا يجوزُ السكوت عنها.
إن ثقة جلالته بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية التي سَنّت الثقةَ المُطلقةَ بأدائِها والحِرَفية في عملِها يؤكدُ مدى حرصِ جلالته على دعمِها وتطويرها وتحفيزِ العاملين بها لما قدّموه من تفانٍ كبير وفقَ نهجِ الاستمرارية بينَ أجيالِها العاملين والمتقاعدين الذين قدّموا الكثير الكثير.
إن حُضورَ القدس الدائِم في خطاب جلالته يُرسّخُ موقفهُ الثابت بإتجاه القضيةِ الفلسطينية والمُقدّساتِ الإسلاميةِ والمسيحيةِ المتكئة على الوصاية الهاشمية التي باتت أمرًا لا يُحادُ عنه ولا يُقبلُ الخوض به لتبقى القدسُ شقيقةُ عمان.
إن خطابَ جلالته باتَ القولُ الفصلُ الذي يُحددُ نهجَ مسار المُستقبل الضامن لتطوّر الأردن وِفقَ طريقِ الإصلاح المُتسلح بالتفاني في العملِ والصدقِ بالنوايا , وهُنا لا بُدَّ من قراءةِ الثقة التي سطعَت في عيونِ جلالته وهو يَصِفُ الأسرةَ الأردنيةَ بأهلِ العزمِ أصحابَ الهامات المرفوعة وأن الأردن سيبقى قويًا عزيزًا.
(الرأي)