يرحل الكبار وتبقى ذكراهم حيّةً
يوسف عبدالله محمود
15-12-2020 12:48 PM
هو الموتُ نَقّادٌ على كفه جواهر يختار منها الجياد
بحزن عميق شيّع الوطن يوم الاحد الماضي رمزاً وطنياً كبيراً وواحداً من عُمد القانون في الاردن. انه معالي طاهر حكمت اول رئيس للمحكمة الدستورية وله فضل كبير في تأسيسها.
من خلال قراءتي لسيرة هذا الفقيد الذي شغل وزارات عدة على امتداد حياته فأحدث فيها إنجازات يشاد بها، وجدت ان الراحل الكبير تمتع بمناقب ومزايا جعلته قريباً جداً من العرش الهاشمي.
طاهر حكمت -رحمه الله- وكما في احدى الحوارات التي اجريت معه وصف نفسه "بأنه ليبرالي سياسياً، محافظ اجتماعياً". وهو وكما ذكر يأخذ على الليبراليين من الجيل الجديد ان ليبراليتهم تتوقف عند اطلاق قوى السوق، دون العمل على استيفاء العملية الديمقراطية لجوانبها المختلفة". (حوار أجراه معه الاستاذ محمود الريماوي).
كان الفقيد رجلاً ولا كل الرجال غيوراً على "العدالة" فهي الركيزة الحقيقية لهذا الوطن. "العدالة" هاجسه على المتداد حياته إميناً عليها كان. زاهداً في حياة الترف كان. العدالة في نظره رديف للديمقراطية.
في حواراته كان يؤكد دوماً على ضرورة ألا يعمل اي مسؤول سياسي تناط به مسؤولية وطنية في العمل التجاري، لأن ذلك يثير الشبهات حوله. أما زهده في الحياة المترفة، فيتجلى في رفضه العمل كمستشار قانوني لدى كبيريات الشركات التي كانت عروضها المغرية تنهال عليه فيرفضها. وفيما يتعلق بالقضاء كان يرى -رحمه الله- ان اصلاحه لا يتحقق الا ضمن منظور شامل ينصلح فيه حال المجتمع والدولة على السواء.
وفيما يخص العلاقة بين المسؤول والمواطن كان يرى ضرورة ان تقوم على الثقة المتبادلة، فلا يجوز ان تهتز هذه الثقة. اهتزازها يعني انعدام الثقة.
يرحل طاهر حكمت وتبقى ذكراه حية، فمن اعطى وطنه وأجزل العطاء ستظل ذكراه باقية.
طاهر حكمت قامة قانونية فَذّة فقدناها. أما تراثه فباقٍ يعظ ويرشد ويعلم.
رحم الله الفقيد وجعل الجنة مثواه وألهم ذويه الصبر والسلوان.
وانا لله وإنا اليه راجعون