اين يكمن الخطأ في الشرق الاوسط ؟ (2-2)
د.احمد القطامين
11-04-2010 05:07 PM
في الحلقة الاولى التي نشرتها عمون الاسبوع الماضي، قمت باستعراض النتائج الرئيسية التي توصل اليها الكاتب البريطاني "برايان ويتيكر" في كتابه "اين يكمن الخطأ في الشرق الاوسط". في هذه الحلقة الثانية والاخيرة سأضع نفسي مكان المواطن العربي الذي قرأ هذا الكتاب.. واقول استنتاجاتي موجهة الى من يهمه الامر.
اولا: ان مجرد قراءة هذا الكتاب تثير في القارئ العربي نوازع مخيفة من التوتر والغليان .. فالمؤلف يشير دون ان يقول ذلك مباشرة ان الوطن - القيمة الاكثر اهمية - لهذا المواطن العربي تسد عن قصد في وجهه كل منافذ الحياة .. انه وطن ينكفئ على نفسه داخل مرجل يغلى الى درجة الاحتراق .
ثانيا: ان الشعوب في هذه المنطقة من العالم قد ادمنت الاستسلام لجلاديها.. وانها استسلمت لجراحها العميقة وتوقفت تماما عن الفعل الوطني لشعورها القاطع انها لا تمتلك وطنا لتدافع عنه. وهذه الحالة بحد ذاتها تعد اكبر مصيبة تلحق باية امة من الامم في اي زمان اواي مكان.
ثالثا: ان تجميع الثروة والسلطة في يد واحدة يعد وصفة هائلة للفساد.. فحتى الانسان النظيف الكاره للفساد والمفسدين سيتحول الى فاسد بامتياز عندما يشعر بان اتخاذ القرار في تشغيل امواله وتعظيمها بيده وحده وان بامكانه مضاعفة العائد على ممتلكاته الاضعاف التي يرغب بها دون اية قيود او محددات.
رابعا: ان نظام المسائلة والشفافية – وهما عصبا الدولة المعاصرة وضمانة استمراريتها- يصبح مستحيلا عندما يكون القاضي هو احد طرفي النزاع والفاسد هو نفسه الحكم.. وادوات الرقابة هي نفسها وصفات للانفلات والفساد.
خامسا: في ظل اوضاع كهذه يصبح من غير الممكن قطعا ان تنجح اية برامج للتنمية او اية جهود للتطوير او حتى اية محاولة للابقاء على الاوضاع كما هي.. ويصبح الوطن بكل مكوناته ممتلكات خاصة لفئة قليلة من مواطنيه يمتلكون عنصري القوة الاساسية فيه وهما الثروة والسلطة.
وهنا تغلق الدائرة تماما ويتم ابتكار واقع جديد يمتلك قوانينه الخاصه به.. فيزداد الفقر وتتدنى مستويات الاخلاق ويسود منطق الغاب ويلجأ الفرد المضطهد الى اخذ القانون بيديه وتتردى الاوضاع الخاصة والعامة وتنطلق الكتلة الوطنية الغاضبة غير المنضبطة الى افعال تدمرية.. تدمر نفسها بنفسها.
عندها - كما يعلمنا التاريخ - يصبح الوطن كرة من الثلج تتدحرج من قمة الجبل الى الوادي السحيق، تزداد كتلتها وزنا وهي تطوي المسافة وتكتسب مزيدا من الثلج ومزيدا من السرعة لتصل الى نقطة الهاوية وقد اصبحت كتلة هائلة من الوزن لتصدم بقعر الوادي وتتناثر قطعا واشلاء على جانبيه.
ان ما ورد في هذه المقالة لا يتعدى كونه مجرد استعراض لما يقوله كاتب اجنبي متخصص في شؤون امتنا هآله واقع ما يجري فيها..
فهل لهذه الامة ان تعتير ؟
qatamin8@hotmail.com