ماذا تقول "الشظايا والفسيفساء" لمؤنس الرزاز؟
يوسف عبدالله محمود
14-12-2020 12:53 PM
الراحل مؤنس الرزاز كاتب وروائي يؤمن بالواقعية الاجتماعية. اسلوبه في الكتابة مميز. كلماته مشحونة بالغضب والسخرية من واقع عربي متخلّف. يختلف عن غيره من الروائيين بأن رواياته تسبر أعماق واقعه العربي بتناقضاته ومفارقاته وامراضه الاجتماعية.
في روايته "الشظايا والفسيفساء" وكما يحمل العنوان يبرز مؤنس الرزاز بعض هذه المفارقات بأسلوبه الساخر الذي يفضح عواراً عربياً مستحكماً. شخصيات روايته تكشف القناع عن طبقة برجوازية متخلفة لا ثورية، تدمن الكسل والانتهازية والتسلّق.
يستهل روايته ببعض "التقارير" التي تنتقد أوضاعاً محلية يمكن ان تنسحب على باقي المجتمعات العربية.
ينتقد من خلال شخصيات الرواية القبلية والعشائرية في وطنه التي ترفض نظام "الاحزاب" لأنه في رأيها يُهمشها ولا يلبي طموح زعمائها.
ينتقد الرزاز ظاهرة سلبية في مجتمعه العربي وهي الديمقراطية الزائفة. "إن الديمقراطية لعبة شيطانية". وصفه لها لم يأت من فراغ فالهوية الوطنية لم ترسخ بعد.
يقول احد مواطنيه منتقداً الانفراج الذي حققه وطنه والذي سمح لأحزاب كانت نشاطاتها تحت الارض ان تمارسها في العلن. "لقد دفعونا الى زاوية النسيان. لو كنت شيوعياً او بعثياً، لو كنت ضد النظام في السابق، لو لم أخلص للنظام طوال ثلاثين عاماً واعلّم اولادي ان الاحزاب هدامة وتعمل ضد مصلحة البلد ... لعينوني وزيراً. نحن اصحاب الولاء للوطن، لا هؤلاء". وفي تعليق ساخر من مؤنس يقول: "إن هذا الرجل يفهم الولاء للوطن على انه ولاء للحكومة". (ص 60)
اتساءل: هل تغير الحال اليوم ام ان القبلية والعشائرية مازالت تلغي او تبتز "الهوية الوطنية"؟
في عمله الروائي الفذّ هذا استعرض مؤنس الرزاز "المزايدات النارية" التي هيمنت على الاحزاب السياسية في عصر الانفراج الديمقراطي الاردني.
وفي سخرية ومرارة وعلى لسان احدى شخصيات الرواية نقرأ هذه العبارات: إن المسؤولين في البلاد العربية كانوا يرددون ان موقفهم من أي دولة أجنبية تحدده سياسة هذه الدولة من القضية الفلسطينية. اليوم صار لزاماً علينا ان نحدد موقفنا من اي دولة حسب موقفها من الديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان" (ص 107)
وفي ادانة لتخلّف الوعي في ظل تغييب "الهوية الوطنية" يقول حزبي خبيث لرفاقه: "هل يخفي رفاقنا المرشحون انتماءهم الحزبي عن العشيرة؟ بعض العشائر ترغب في ان تحتكر مرشحيها لا أن تتقاسمه مع حزب، وبخاصة اذا كان الحزب "كحياناً"". (ص 73)
مؤنس الرزاز في عمله الروائي "الشظايا والفسيفساء" حاكم "الفهلوة" التي تهيمن على النخب المثقفة في بلاده ومما يعتبر الشكوك في ولائهم للوطن استثني القلة منهم.