"سأحارب" هذا ما قالته إحدى ضحايا كوفيد 19 في آخر مكالمة لإبنتها، ولكن هذه السيدة فشلت في المحاربة، وتوفيت بعد هذه المكالمة بساعات. 

إن هذه الرواية والكثير من الروايات التي انتشرت لضحايا ومصابين لكوفيد 19، والأخبار السيئة التي توالت منذ بدء الجائحة وضعت العالم دولاً وحكومات وشعباً، تحت قلق وضغط لم يسبق له مثيل بحياتنا!.

كلنا عاصرنا بداية الأزمة وانتشار كوفيد 19 ،حيث كان هناك شح وعدم دقة بالمعلومات  وانتشار للشائعات، وكثير من الناس  تبنى نظرية المؤامرة وهناك من  لجأ للإنكار  وهو تصرف متوقع كوسيلة لتجنب الحقيقة غير المريحة.

بذات الوقت أعلنت منظمة الصحة العالمية إعتبار كوفيد 19 وباء عالمي. فقامت الدول والحكومات بتدخل فوري وذلك  بفرض إجراءات مفاجئة وصارمة  جدا على الشعوب  وتخبطت بقراراتها بسبب عدم المعرفة بما هو الإجراء السليم للحد من انتشار الوباء .

كانت هذه المرحلة الحساسة والصعبة هي الأخطر والأصعب خلال  مواجهتنا لكوفيد 19 ، هي  مرحلة  الهلع  وعدم الاتزان  والاضطراب عالمياً  تحت ضغط السؤال كيف نحافظ على حياة الشعوب وضمان عدم انهيار النظام الصحي تماشيا مع  الحفاظ على القطاع الاقتصادي والمحافظة عليه أيضا من الإنهيار؟  .

اضطرت الحكومات لفرض حزم من الإجراءات  لضمان سلامة شعوبها  ،  ولكن تلك الإجراءات جاءت مفاجئة  أيضا  للشعب  ومؤسساته حيث لم يعطى الشعب دوره  كشريك بالقرار . وبالمقابل فرضت  أوامر  مست الحريات الشخصية والاجتماعية والاقتصادية وحتى الدينية وطالبت  الجميع التقيد بها .

ولكم أن تتخيلوا الضغط النفسي الذي وقع على  الشعوب التي باتت تعاني الأمرين، الخوف من القادم، والقيود القاسية  التي وضعت عليهم.  

كما هو معروف إن الأثر النفسي لإجتياح أي كارثة أو وباء، لا يختلف عن الأثر النفسي  للحروب.

وكردة فعل  طبيعية  للقلق الذي وقع به الناس، قام  الكثير  بسلوكيات غير مسؤولة وخاطئة ،بكسر للقيود والأوامر و إجراءات السلامة المطلوبة برغم تحذيرات الحكومات وبهذا السلوك تفاقمت الكارثة وانتشر  الفيروس محليا وعالميا .

أن مسؤولية إدارة ملف كورونا عالمياً  تقع على عاتق الحكومات والشعب على حد سواء .ولنا أن نضيف مسؤولية منظمة الصحة العالمية التي يعتقد انها تأخرت بالاعلان عن اعتبار كوفيد 19 وباء عالمياً . 

اذن الحكومة قصرت حين لم تشاور   الشعب  أو من يمثله . و لم تشمل  قراراتها  ضمانات تخفف من  القلق والخوف لدى الناس مما أثر على سلوكياتهم!!

والشعب أيضا قصر ووجب أن يكون أكثر مسؤولية، ووعي ويكون له دور تشاركي مع  الدولة بجهادها بالحرب التي أعلنتها لأجل صحة مجتمعاتها!!

ومنظمة الصحة العالمية ايضا طرف بالمسؤولية  والتي نالها الكثير من الانتقادات!!

واعتقد لو كل  طرف  قام بدوره الصحيح   لما كبرت معاناتنا لهذا الحد .

الآن بقرب طرح المطعوم قاربت معركتنا مع هذا الفيروس على الأنتهاء ،ومع هذه التجربة القاسية  التي ما زالت قائمة، بتنا أقوى بمواجهة هذا الوباء مما كان له دور في انحسار الوباء ولو بالقدر غير المطلوب  .

واليوم كلنا  أمل  أن نبقى سليمين  جسمياً ونفسياً كي....ننجو، ولنكتب في مذكراتنا  نحن جيل الكوفيد 19 ... الجيل الذي انتصر على كارثة حلت بالعالم سنة 2020 .

*كاتبة وناشطة اجتماعية

*ماجستير إدارة صحية  RCSI /Dublin