خطاب العرش السامي .. رسائل ملكية حاسمة وقوية
الدكتور هشام عوده العبادي
13-12-2020 12:30 PM
جاء خطاب العرش السامي الذي القاه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس الأمة التاسع عشر (10/12/2020)، معبراً عن المرحلة التي تمر بها المملكة من ظرف استثنائي متمثلاً بجائحة كورونا ومبيناً جلالته برسائل واضحة نهج العمل الحالي والمستقبلي ومشيراً الى نقاط جوهرية ومفاصل وعناوين ترسم رؤية واضحة وشمولية حول متطلبات وآليات العمل بما يؤسس لمرحلة أدق اوصافها هو التوازن بين الصحة والاقتصاد والعمل كفريق واحد، ومحاربة الفساد، والشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص، وتجاوز الاقوال نحو الافعال من خلال وضع الخطط وبرامج العمل والقرارات المدروسة القابلة للتطبيق ضمن أطر زمنية محددة.
هناك رسائل ملكية حاسمة وقوية أراد جلالة الملك ايصالها للمعنيين من خلال خطاب العرش السامي:
الرسالة الملكية الأولى: إجراء الانتخابات النيابية في ظل ظروف استثنائية - رسالة ملكية محلية واقليمية ودولية تؤكد استقرار الاردن وقدرته على السير قدماً في طريق مؤسساته الدستورية والنهضة السياسية والتشريعية دون اي معيقات بالرغم من استمرار مواجهة جائحة كورونا وما خلفتها وتخلفها من تحديات صحية واقتصادية واجتماعية.
الرسالة الملكية الثانية: العمل بروح الفريق - رسالة ملكية الى مجلس الأمة والحكومة، فالظرف الاستثنائي يفرض على الحكومة ومجلس الأمة وجميع مؤسسات الدولة العمل بروح الفريق الواحد، قولاً وفعلاً، بالتشاركية والتنسيق والتناغم والانسجام لتجاوز التحديات والظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن وتحقيق الإنجاز الذي يستحقه وطننا الغالي وشعبنا العزيز.
الرسالة الملكية الثالثة: تحقيق التوازن بين الصحة والاقتصاد - رسالة ملكية للحكومة، فالأولوية في التعامل مع جائحة كورونا، هي صحة المواطن وسلامته، وكذلك الاستمرار في حماية الاقتصاد الوطني، وهذا يتطلب من الحكومة الاستمرار في وضع الخطط والبرامج واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير المدروسة في التعامل مع جائحة كورونا بشكل يوازن بين الاعتبارات الصحية، وتشغيل القطاعات الاقتصادية من خلال شراكة فاعلة وتعاون مع القطاع الخاص من أجل خدمة الوطن والمواطن.
الرسالة الملكية الرابعة: استغلال الفرص الواعدة والاستفادة منها - رسالة ملكية للحكومة، للاستفادة من الفرص المتوفرة في قطاعات عدة خصوصاً في الصناعات الغذائية والدوائية والمعدات الطبية والزراعة والتي يجب استثمارها وفق نهج مؤسسي قابل للتنفيذ، لتحديد الفرص المتاحة، وبما يوفر فرص العمل ويمكن الأردن من لعب دور مهم كمركز إقليمي في المنطقة.
الرسالة الملكية الخامسة: الاهتمام بالدور الرقابي والتشريعي - رسالة ملكية لمجلس الأمة، حيث أن الدور الدستوري لمجلس الأمة، يجب أن يكون منصباً على الرقابة والتشريع، في إطار من التشاركية والتكامل بين السلطات الثلاث، وبعيداً عن المصالح الذاتية والضيقة، وهذا يمثل دليلاً لعمل السلطات كافة، على أساس التكاملية والتشاركية لتقديم الأفضل للمواطنين.
الرسالة الملكية السادسة: المزيد من العمل وتحسين الخدمات - رسالة ملكية للحكومة، حيث أن ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، أمر في غاية الأهمية، ولا يمكن لأي حكومة ان تنجح دون تعزيز هذه الثقة، بحيث يشعر المواطن بأن الحكومة تلبي رغباته ومتطلباته، وهذا يتطلب من الحكومة المزيد من العمل والانجاز لتوفير كافة الخدمات للمواطنين وبجودة عالية، خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والنقل، وأن تكون الشفافية والمكاشفة والإنجاز نهج عمل الحكومة.
الرسالة الملكية السابعة: أهمية دعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية - رسالة ملكية للحكومة، حيث تتجلى ثقة جلالة الملك وثقة المواطنين بهم، والتي تتميز بالكفاءة والحرفية والمهنية العالية، فهم موضع الفخر والاعتزاز، ولهم كل الشكر والتقدير لما يتحلون به من مهنية واقتدار وإيثار وخلق أردني أصيل، ولا بد من مواصلة الرعاية والاهتمام بهم تدريباً وإعداداً وتسليحاً وتوفير سبل العيش الكريم لهم، لتمكنيهم من الاستمرار بحمل أمانة ومسؤولية حماية وطننا العزيز، فالثقة بمؤسسات الدولة هي الهدف الذي لا بد من تعزيزه؛ لما يحققه من منعة وعظيم انتماء يقوم على العمل والعطاء، وبناءً على ذلك فإن على مؤسسات الدولة أن تستفيد قدر الإمكان من خبرات المؤسسة العسكرية والأمنية التي تتجلى فيها أرفع قواعد الإدارة الاستراتيجية المبنية على التفكير والتخطيط الاستراتيجي.
الرسالة الملكية الثامنة: محاربة الفساد بأشكاله كافة - رسالة ملكية لكافة المعنيين، فهي أولوية وطنية، تحتاج المزيد من الجهود المتواصلة، للتصدي لهذه الآفة، فالمال العام مصان، والتعدي عليه جريمة بحق الوطن وأهله، ولا بد من محاسبة كل من يعتدي عليه، أيا كان، وهذا يتطلب الجدية بالمحاسبة بصرف النظر عن المنصب أو الرتبة، أو المكانة، فالجميع سواء أمام القضاء.
الرسالة الملكية التاسعة: موجهة للخارج، حيث يؤكد فيها جلالة الملك على الثوابت الوطنية في زمن تعددت فيه المواقف حيال القضية الفلسطينية، ليعلن جلالته وبشكل واضح وحاسم بان تحقيق السلام العادل والشامل، على أساس حل الدولتين، هو خيار الاردن الاستراتيجي، دون ذلك لن يتحقق السلام ولا الإستقرار في المنطقة، ويؤكد جلالة الملك ايضاً على أن القدس والأماكن المقدسة غير قابلة للقسمة ولا المشاركة، فالأردن متمسك بها تاريخياً ولن يتخلى أبداً عن هذا الدور، وهذه رسائل واضحة وعميقة وحاسمة لإسرائيل وللمتطرفين بأنه لا سلام ولا استقرار في المنطقة إلا عند حل القضية الفلسطينية بشكل عادل واحترام حرمة المقدسات الاسلامية والمسيحية.
الرسالة الملكية العاشرة: موجهة إلى كل فرد في الاسرة الأردنية، بأن يترجم الانتماء الى عمل وعطاء وإنجاز ليبقى الأردن قوياً عزيزاً، وتبقى الهامات مرفوعة، ونحن نلبي النداء ونقول لجلالة الملك: ستبقى هاماتنا مرفوعة ورؤوسنا شامخة وعالية نباهي بكم الأمم يا سيدي.
وفي وقفة تحليلية لابعاد خطاب العرش السامي المحلية والاقليمية والدولية، يتبين لنا بأن هذا الخطاب الملكي السامي يحتاج قراءة متأنية ومعمقة، لما يحويه من محتوى فكري وسياسي وإقتصادي وإجتماعي وصحي، حيث يتضمن توجيهات تتطلب وقفات متعددة من كافة الجهات المعنية، ووضع استراتيجيات وخطط تنفيذية لإدخالها حيّز التنفيذ ضمن أطر زمنية محددة، فهو يمثل خارطة طريق لمجلس الأمة وللحكومة، مدعّما جلالته كافة توجيهاته ورسائله بثقته بالمواطن والعلاقة الفريدة التي تربط القيادة بالشعب والتي جعلت هذا البلد صامداً أمام كافة التحديات والأزمات.
نبارك لقائدنا ووطننا وامتنا هذه الانجازات الوطنية التي نجحنا في تحقيقها رغم الظروف الاستثنائية التي يمر بها الاردن والعالم، داعين المولى عز وجل ان يديم علينا نعمة الأمن والاستقرار في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حقظه الله ورعاه.