لا أحد يعلم حقاً من أنت ..
د.أسمهان ماجد الطاهر
12-12-2020 02:05 PM
كانت فرح في ذلك المساء تسرح في البعيد مفكرة في ظروف الحياة وقسوتها، وكيف أن الأحداث أحيانا توجد في حياتنا أشخاصاً لم نعتقد أن مرورهم في حياتنا كان ممكنا، لكن الوجع جعل وجودهم ضرورة.
الكارثة الكبرى هي عندما لا نستطيع أن نتوقف عن الخوف من أن الأقدار قد تحولهم إلى وجع الحياة.
هل هذا الخوف مبرر؟ ! تساءلت فرح عن ذلك -الشبح- الذي نتمسك بالهروب منه لماذا أراه؟!
كانت فرح ما زالت تفكر بكل ذلك، يرافقها إحساس يشبه إحساس غريبا في المدينة .
كانت تشعر بالحيرة بالخوف، وبعدم الثقة بكل من حولها ،لم تكن مهيئة لتعقيدات في الحياة هي بغنى عنها.
النضج والتغيير مؤلم، ولكن ليس هناك ما هو أشد إيلاماً من بقاءك عالقاً في عالم لا تنتمي إليه.
لا أحد غيرك يعلم عن هول تأثير الأيام السيئة بك ،لا أحد يشعر بالحروب التي تدور بداخلك، لا أحد يعرِفُ عن معاناتك ،وتعاستك ،ووحدتك التي تقتلك غيرك. لا أحد يعلم ما أصابك ،أو كيف هي معركتك مع الحياة.كم حاربت؟ وكم خُذلت ؟ كم كافحت وخسرت؟ لا أحد يعلم حقاً من أنت.
غرباء نحن في هذه الحياة، غرباء حتى النهاية، يسكننا الحزن العالق في الغيمات.
هذا المقطع بلا نهاية كلما غسلنا النوافذ من الهموم ،والرضوض العالقة ما تلبث أن تتلوث بغبار ورشة بناء خارج أسوار منازلنا. تعبنا من تمثيل السعادة من وضع الابتسامة المصطنعة ،ومن الضحكات التي تفشل في الوصول إلى العيون.
حدثت فرح نفسها لا شيء على الأرض يجبرني على التواجد مع من لا أريده في حياتي ، لذلك كل من هو في حياتي يجب أن يكون رفيق القلب والروح.
كم هو صعب أن يكون الإنسان ذا شخصية منقسمة إلى نصفين،عاطفية لدرجة البكاء، وعقلانية لدرجة أنها تسخر من ذلك البكاء.
لماذا أنا معه؟ سؤال كان يدور في ذهن فرح باحثا عن إجابة لا تملكها حقا.
كثيرة هي المرات التي تشعر بها أنك أخطأت المسار وقد تتراجع عشرات المرات ،ثم تستسلم للحقيقية أن أحدهم قد سلك الطريق من أجلك فقط، وبطريقة أو بأخرى تعودت على تقبل الأمر والاعتياد عليه.
وهي سارحة في البعيد، كانت تحدث نفسها:"لقد جعلته يرى جانبي المُظلم، فوضع لي نجومًا، وجعلني أسير إلى سهول لم اكتشفها، وفي الليالي المظلمة كان يضيء لي الطريق.
ذكريات جميلة تسكن الذاكرة التي احترفت شطب كل ما كان بشعاً، ومضاعفة جمال ما كان جميلا.
Dr.asmahanaltaher@gmail.com