في ظل إرتفاع أسعار الأراضي غير المنطقي في مراكز المدن، وارتباط المواطن بمكان عمله الذي يفرض عليه أن يكون قريبآ منه تجنباً لهدر الوقت الذي يضيع في اختناقات السير غير المفهومة، والمال المفقود لصالح الدخل المتاكل أصلا، يصبح على المواطن أن يرضى قسرا بالبحث عن شقة بمساحة متواضعة يتخذها مكانا يخلد فيه إلى النوم بعد يوم عمل شاق، هذه المحددات هي التي تقرر مكان ونوع المسكن الذي يبحث عنه المواطن والذي يعني البحث عنه الدخول في كواليس الأسعار واختلافها من مكان لآخر ومن شركة لاخرى، حسب المنطقة ونوع البناء والتشطبيات المستخدمة والتي تدخله في دوامة من الحيرة لكثرة التناقضات في المواصفات والتي يحاول كل صاحب شركة إسكان أن يقنع المواطن أنه يستخدم أفضل الأنواع واجودها.
دوامة من أسماء المواد واصنافها التي لا يستخدم عادة منها إلا الصنف الثاني والثالث وان وجد فيكون في الأشياء الظاهرة أما ما خُفِيَ فهو أعظم.
وإذا ما قرر المواطن أن يحسم أمره بالشراء فإنه يُصدم بأرقام الأسعار الفلكي الذي ينوء بحمله راتبه، لمدة تتجاوز ثلث عمره لصالح جهات التمويل وعادة ما تكون البنوك التي تضع شروطا لا يحميه الموت منها، وبذلك يكون قد دفع ثمن الشقة مرتين الأولى وهو سعر الكاش الذي تدفعه جهة التمويل وعادة ما يتجاوز الربح فيها لصالح شركة الإسكان 40٪ وفي بعض الحالات يزيد، والثانية عندما يسدد الثمن إلى الجهة التمويلية التي تضع نسبة ربح مرتبطة بفترة السداد تصل إلى 25 سنة قد تبلغ نسبة 100٪ أو أقل بشيء بسيط، ومع ذلك يرضى المواطن الذي لا خيار أمامه ويحاول أن يقنع نفسه أنه سار في الطريق الصحيح وأن السكن عنوان الاستقرار، لكن ذلك سرعان ما يتبدد بعد أن تبدأ كوابيس التشققات ورداءة التشطيبات تلاحقه لتبدأ مرحلة الصيانة غير المحكومة بمدة زمنية أو سقف مالي محدد، طبعاً سيبادر المواطن للإتصال بصاحب شركة الإسكان فتاتيه الإجابة أن كفالة البناء عشر سنوات وان سوء الإستخدام والقضاء والقدر هما المسببان لكل ما يحدث معه، وعليه أن يبقى على تواصل مع الحرفيين حتى تصبح شقته رمادا أو يلتحق هو بالفريق الأعلى وتؤول ملكيتها إلى الجهة التمويلية، وصاحب الإسكان يتنعم بارباحه الباهظة وان ناقشه أحد سيحدثه عن دوره في بناء الأردن وأنه يساهم في الناتج المحلي الإجمالي، وأنه يعاني من قلة الأرباح وتعثر البيع وهذه الحجة هي شعار اغلب من يتبع هذه الأساليب ويملا جوفه الطمع وما بين كل هذا وذاك يبقى السؤال من يعلق الجرس.