بعد تسع وأربعين سنة ولا يزال " الوصفيون" يحتفلون به ويزورون قبره ويكتبون عنه ؟! مع أنهم مرت عليهم حكومات كثيرة ورؤساء يحملون الشهادات من جامعات عريقة؟
ربما: لأن وصفي كان قريبا" من الناس يخالطهم ويحادثهم ويسمع لهم.
ولأن وصفي لم يقدم من عائلته من يتولى المواقع كما فعل الآخرون.
ولأن وصفي لم يحصل على قصر ولا على رصيد مالي.
ولأن وصفي لم يكن موظفا" تنفيذيا" بل سياسي يقول ما يعتقد أنه صحيح وهذا ما فعله مع حابس المجالي يوم عاد الراحل الحسين من القاهرة قائلا" : إن عبد الناصر يريد الحرب !! فقال الرجلان لا تصدقه ولا تحارب حتى لا تضيع القدس. نعم قال وصفي لأن الأمانة تقتضي ذلك، ولأنه شجاع قال ذلك، وشجاعته هي التي قادته للذهاب الى القاهرة ليلقى حتفه هناك وكأن قاهرة عبد الناصر أرادت ذلك بغض النظر عن احجار الشطرنج والأدوات !! .
ولأن وصفي أحب فلسطين وانخرط في جيش الإنقاذ ولكن حب فلسطين لا يعني عنده السماح للمنظمات بأخذ الأردن!! فالمنظمات وجدت لتحرير فلسطين وبهذا كان الجميع معها لكن حينما تغيرت القِبلة وصارت "عمان هانوي العرب " و" كل السلطة للمقاومة " فالمسؤولية تحتم منع ذلك وهذا ما فعله وصفي.
ولأن وصفي لم يغير قانون التقاعد ليلهط سبعة آلاف دينار شهريا" من بلد فقير وشعب كادح ومديونية عالية.
ولأن وصفي لم يهرول في تشكيلة حكومات إلى الشلل والأصحاب ولا الطائفية ولا الجهوية بل كانت بوصلته الوطن.
ولأن وصفي كان ديمقراطيا" فلم يكن يحقد على مخالفيه ولا على من يحجبون عنه الثقة فقد حجب عنه الثقة الراحل يوسف العظم لأسباب مبدئية يوم كان الاخوان يربطون الثقة بالحكم بالشريعة ومع ذلك اشترك مع وصفي إسلاميون في الحكومة.
ولأن وصفي رجل ديموقراطي فلم يلجأ لشراء ثقة النواب بأعطيات ولا خطوط باصات ولا منح ولا تعيينات كما فعل آخرون وراح أحدهم يفتخر بنيله أعلى رقم في الثقة.
نعم يحبون وصفي لأنهم لا يجدون ما يمكن أن يسد أفق الشمس من تجارب الرؤساء بعده حيث ارتفعت المديونية وانتشرت الشللية وتوالت الانتكاسات والمنحنى في هبوط مستمر.
السؤال:
هل يبقى الناس يتغنون بوصفي أم يجب أن يقدم نموذج" جديد" على خطى وصفي نظافة وأداء ووطنية واحتراما" ؟! .