الربط الكهربائي مع العراق
المهندس عبدالفتاح الدرادكة
09-12-2020 11:20 AM
إن اتفاقية الربط الكهربائي مع العراق والتي وقعت مؤخرا لتزويد الجانب العراقي بـ 1000 جيجا وات ساعة والتي وان يمكن اعتبارها بداية للربط الأردني العراقي إلا انه كان من المفروض ان لا تكون البداية بهذا الشكل استنادا الى علاقات وواقع النظام الكهربائي الاردني حيث ان حجم ما يكن تصديره قليل جدا قياسا مع ما يمكن انتاجه من الكهرباء في الاردن وينحصر على ما يمكن توليده غلى الحدود مابين البلدين وفي منطقة الريشة وهو توليد محطة الريشة الغازية والتي يتراوح انتاجها استنادا الى كميات الغاز الرخيصة والمنتجة محليا وغير الثابتة بين 30 و40 ميجا واط بالاضافة الى المحطة الشمسية التي قامت ببنائها شركة اكوا في الريشة بقدرة 45 ميجا واط واذا ما اعتبرنا ان انتاج المحطتين هو مخصص لهذا الربط فان مايمكن تصديره سوف يكون اقل بكثير مما اعلن من حجم القدرة الممكن تصديرها الا اذا كان من ضمن كمية التصديرالاستجرار من الشبكة الاردنية من خلال خط النقل الموجود حاليا بجهد 132 ك ف والذي يعلم العارفين بالنظام الكهربائي ان هذا الخط تم بناءه اساسا لانتاج الكهرباء من حقل الريشة ونقله لشبكة النظام الكهربائي الاردني والذي يعتبر غير مجهز للربط الكهربائي حيث انه وفي حال زيادة تحميله يزداد الفاقد الكهربائي مع طول المسافة والتي تزيد على 300 كم.
ان الربط مع العراق مباشرة قد تم بحثه مع الجانب العراقي اثناء وجودي مديرا عاما في الكهرباء الوطنية حيث ابدى الجانب العراقي ترحيبه بالربط الكهربائي بين النظامين الكهربائيين في الاردن والعراق وعلى جهد 400 ك ف حيث كان التوجه بربط النظامين ألأردني في منطقة شرق عمان او الازرق حيث انه كان هناك تفكير بالممر الاخضر الكهربائي الشمالي الشرقي الذي ينتهي بالازرق والنظام الكهربائي العراقي في منطقة الأنبار علما ان ذلك يتطلب اسثمارا بقيمة تقارب ال300 مليون دولار امريكي لكامل المشروع ومن الممكن ان تكون فترة تنفيذه اكثر بقليل من فترة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ان لم تكن مساوية لها علما ان عائد الاستثمار في هذه الحاله عالي جدا وقد تكون امكانية استرداد ما يتم دفعه خلال الخمس سنوات الاولى ان لم يكن قبل ذلك.
الجدير بالانتباه ان معالي الوزيرة اعتبرت هذا الربط ضمن منظومة الربط العربي بينما الواقع يشير الى ان هناك ربطا ثمانيا قائما تشترك فيه ثمان دول عربية من بينها الاردن والعراق وسوريا بالاضافة الى تركيا وهو جاهز حاليا للتشغيل حيث ان نقطة شبك العراق هي في سوريا وكما هو معروف فان هناك اتفاقية تبادل طاقة مع سوريا ولم تجدد منذ 2012 وقد حاولت انا كاتب هذه السطور التواصل مع الجانب السوري الذي رحب بفكرة اعادة العمل في اتفاقية التبادل وتم ترتيب اجتماع في حينه في بيروت يحضره الجانب اللبناني الا انه تم انهاء خدماتي في الشركة قبل هذا الاجتماع باسبوع فقط والسؤال المشروع لماذا لم يستغل جانب مصلحة الاردن السيادي بالحصول على قرار سياسي لاستثناء الاردن في التواصل مع الجانب السوري على ضوء وجود اتفاقيات تبادل تتطلب التجديد فقط علما انه لو تم ذلك لامكن الوصول الى اتفاق تمرير كهرباء للبنان والعراق يستغل فيه الفائض بالاستطاعة التوليدية في الاردن .
واخيرا فان التخوف من ما تم الاتفاق علية هو ان تبقى عملية الربط محصورة حدوديا اي بمعنى عدم دمج النظامين الكهربائيين الاردني والعراقي كما هو الحال بين النظامين الاردني والمصري وبالتالي زيادة نسبة التوليد على الحدود من خلال مطورين خارجيين بمعرفة الاخوة العراقيين لاستغلال الاستقرار الأمني في الاردن وبمباركة سياسية اردنية. والله من وراء القصد.
المهندس عبدالفتاح الدرادكة-المدير العام السابق لشركة الكهرباء الوطنية