تداعيات كثيرة تؤثر على الإقليم ومنطقة الشرق الأوسط، ربما تنتج هذه التداعيات بالضرورة تغيير جذري للبنية المعهودة وشبه المستقرة لبعض الدول في المنطقة هذه التغييرات قد لا تشتمل على الشكل الحدودي بقدر ما هي تغير في هيكل الأنظمة والقيادة وغرف السيطرة الرئيسية (حجرة الطيار)، وهذا الامر يستند على بقايا نتائج الربيع العربي وما تلاه من تغير في سلوك وطريقة الإدارة الامريكية عبر السنوات الأربع الماضية مما اعطى مساحة كافية لظهور توازنات جديدة في المنطقة وأن تطفو دولا جديدة في الإقليم على سطح المشهد.
بالضرورة الأردن مؤثر ويتأثر بما يحدث حوله خصوصا إذا كان تغيير المسار يتعلق بالقضية المحورية والجوهرية للأردن وأسلوب التعامل معها وهي القضية الفلسطينية، صحيح ان تغير الإدارة الامريكية ربما يغير نغمة التعامل ولكنه قطعا لن يعود للوراء ويغير المكتسبات التي تحققت على ارض الواقع مثل نقل السفارة الامريكية والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ولن يكون هناك بالضرورة تضييق على بحبوحة الحركة التي منحت للحكومة اليمينية المتطرفة في الكيان الإسرائيلي خلال السنوات الأربع الماضية أو للمزايا الفعلية والنظرية لاتفاقات السلام الجديدة مع دول خليجية غير حدودية مع إسرائيل، خصوصا وأن هذه الاتفاقيات ليست مقصودة بحد ذاتها وإنما مقدمة لحدث عظيم قادم.
الأردن دولة ذات تاريخ ممتد وطويل، نظامها الملكي ثابت وليس محل نزاع ولا خلاف، والاسرة الهاشمية تمتلك وفرة في الشرعية الدينية والتاريخية والنسب عززها بكل تأكيد النمط المعياري الواضح في أسلوب الحكم والإدارة منذ عهد الملك المؤسس وحتى عهد ملكنا المفدى مما ساهم في اكتمال بناء قاعدة صلبة يصعب جدا تجاوزها أو انكارها، وبالتالي فإن أي متغير في الإقليم او في دول المنطقة يبقى هناك ثابت وحيد وهو الاسرة الهاشمية من الأجداد والى الاحفاد.
ربما نشهد في العام المقبل او الذي يليه تغييرات جوهرية تبدو ارهاصاتها تلوح في الأفق، وربما يحمل مجلس النواب المنتخب حديثا مهمة نادرة الحدوث تستوجب منهم ضبط الإيقاع والوصول الى اعلى درجات الحصافة التشريعية والكياسة في التصرف خصوصا وأن العديد منهم من أبناء واحفاد الذوات المحترمة والرجالات الذين عملوا سابقا في الحقل العام او كانوا زعماء عشائريين وذوي ثقل في مناطقهم وشهدوا سابقا محطات مفصلية في مسيرة حياة الدولة الأردنية ونعتقد بأن الأبناء والاحفاد لا يحيدون عن خطى الأجداد، كذلك لا يخفى على المراقب طبيعة تشكيلة مجلس الاعيان الجديد من حيث خلفية الأعضاء سواء الخلفيات العسكرية او الامتدادات العشائرية ذات الثقل البارز وكأنما هناك إشارة الى عودة الدولة الى الأستناد على الأركان والإهمال المؤقت وربما المتعمد لسادة المال والاعمال مما يعطي إشارة بأن الحمل القادم هو حمل سياسي وبالتأكيد جوهري وأساسي بالرغم من وجود عصب اقتصادي ضاغط بشدة وبألم نتيجة جائحة كورونا وتبعاتها على الاقتصاد، وكأننا نقدم الأهم على المهم.
الأردن قوي وسيبقى قويا عزيزا بإذن الله، الأردن قوي بقيادته وبحكمه الملكي الهاشمي وسلالة النبي العربي الأمين الى يوم الدين، الأردن قوي بشعبه وعشائره وبدوه وحضره، الأردن قوي بديموغرافيته وجغرافيته، الأردن قوي بسياسته وحتى بإمكانياته.
وسيبقى الأردن دائما قويا بحفظ الله وارادته.