صباح الخير يا قراء عمون وصباح الخير لكل الذين يهربون من الورق المحبر إلى الفضاء المليء بالهواء النقي ..
صباح الخير لكل الذين غيروا من عاداتهم اليومية فأصبحوا يقرأون ما هو مكتوب على الشبكة العنكبوتية بدلاً من الإمساك بالورق الذي يقف بعضه وقوفا إجباريا امام ألف رقيب ورقيب ..
ترى هل يستطيع المرء أن يصفق ويكتب بذات اللحظة؟
أظن أن أكفا احمرت من فرط التصفيق لن يكون بمقدورها أن تمسك بالقلم، وان تمكنت من الإمساك به فهل بمقدورها إقناع القلم بالمهمة الوطنية الجليلة المتمثلة في ترجمة التصفيق إلى مفردات وحروف ..
لقد بالغنا في الثلاثة اشهر الأخيرة في قدح دولة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بالرغم من كونه رئيسا منتخبا يقود ائتلافا قائما على انتخابات "حرة ونزيهة" في حين لا يجرؤ عربي على انتقاد نظراء هذا العدو وهي مفارقة، فأصحاب الشرعيات المثلومة يخشون من ابسط أشكال الانتقاد ويجيشون كل من تحت سلطتهم لتكميم الأفواه واغتيال المفردات قبل أن تطلق .. والانكى أنهم يبالغون في نحت المفردات التي تؤكد على حرية التعبير وضرورة قتل الرقيب الداخلي الذي أضحى قرينا مسيطرا على كل من امتهن هذه المهنة المذلة في كثير من الأحيان.
نتنياهو يتحمل ب "سعة صدر" انتقادات الصحافة العبرية والعربية في حين أن الأخيرة لا تجرؤ أن تقول لمسؤول عربي "ثلث الثلاثة كم" ، وصحافة إسرائيل لا تمانع بالنشر وإعادته، وترجمات مقالاتها تملأ صحفنا دون اتفاقيات في حين أن صحفنا اكتشفت العجلة وحقوق الملكية بذات المختبر وطفقت تحذر من مغبة الاعتداء على الملكية الفكرية في وقت تواصل فيه "السطو" على صحافة إسرائيل وما يكتب فيها، والقصة من ألفها إلى يائها تتلخص في "الاجتهاد لحماية حكومة غير منتخبة تفردت بالسلطة واستولت على صلاحيات باقي السلطات".
في الدول التي يغيب فيها الشعب ممثلا بنوابه كما يغيب طفل عن حصة الحساب لعارض صحي لا مكان لمنتقد ولا مساحة لرأي مستقل في حين تفرد المساحات للتطبيل والتزمير والتسبيح بحمد من أدخلونا في نفق الأزمات المتتالية.
لقد غاب ممثلو الشعب إلى اجل غير مسمى وتم التضييق على الصحافة بوسائل غاية في الذكاء، وجرى تهميش سلطات أخرى، ولم يتبق "في الميدان غير حميدان" وحميدان يتحدد في الحكومة التي تريد أن تواجه كل هذه الأزمات يصدر عار وببطولة منقطعة النظير، ولأنها لا تريد المشاركة في تحمل المسؤوليات فإنها تتحمل وحدها مسؤولية كل الذي قد يجري في مقبل الأيام.
في سن الأربعين يصعب على المرء تعلم مهنة أخرى ولا متسع في العمر لهجرة ولا قدرة على العيش بلا أذنين ولا عينين فهل هناك متسع لعمر جديد أو لوطن جديد؟؟