الاردن بين مطرقة الواقع وسندان المسؤولية الوطنية
فيصل تايه
05-12-2020 07:27 PM
الاستفادة من التجارب "بغض النظر عن مصدرها" وأخذ العظة والعبرة منها أمر واجب ، والبعد عن المغامرة أمر أشد ضرورة لاستمرار المسيرة هادئة وبعيدة عن التوترات والتشنجات والتقلبات المثيرة للقلق، والاعتراف بالأخطاء والتراجع عنها من الصفات الحميدة، والعاقل من أدرك فن الممكن وتغلب على أهوائه ورغباته، ومال إلى المصالح العامة ومطالب الناس كافة، وروض نفسه على خدمة المصالح الكبرى للدولة ، وتجرد من الازمات المقيتة ، وجعل همه السكينة العامة والمواطن والدولة المدنية المتحضرة.
كل ما نخشاه اننا نفتقر للديمقراطية الناضجة بمفهومها الشامل، الديمقراطية التي تترسخ في عقولنا وافئدتنا وتوقظ ضمائرنا، ونوهم أنفسنا بها ، فعلى كل من في ساحة الفعل الوطني المسؤول، ومن خلال موقعه القيادي في اي جهاز من اجهزة الدولة مطالب اليوم بالبعد عن الصلف ، والتعامل مع كافة شرائح المواطنين في المدينة والقريه والبادية والمخيم بالتساوي في الحقوق والواجبات، فالمواطن لم يعد ذلك البسيط الذي يؤخذ بالعاطفة والبساطة، ولم تعد تؤثر فيه المظاهر الزائفة أو تخدعه الأقوال المنمقة أو الشعارات الرنانة، لأن واقع الأزمة الكورونية الصادمة، وما خلفته من كوارث اقتصادية نمر بها، وضعتنا بين مطرقة الواقع وسندان المسؤولية الوطنية علمتنا المقدرة على كشف الأباطيل والادعاءات، وأوصلتنا إلى الوقوف على الوعود الوردية، واستطعنا كشف الأقنعة التي تخفى خلفها البعض، ولم يعد ينفع معنا غير الصدق، والصدق وحده.
علينا ان نعي تماماً أن الشعور بالانتماء للوطن هي مسؤولية وطنية، وليست مجرد عاطفة عابرة بل هي عاطفة وعقل معاً يرسخان في ذهن كل فرد أهمية فكرة الدولة المتكاملة وضرورتها ، فالمشهد الحالي ما زال ينذر بالمجهول ، والتمترس خلف الأوهام امر مريب، وتراكم الأزمات والاخفاق في معالجتها، وخلق الأعذار الواهية واتاحة الفرص للاجتهادات المثيرة للجدل سيجلب لنا الويلات، وأن كسب ثقة المواطنين لا يأتي عبر المغالطات وإلصاق الاتهامات وترحيل الازمات.
ما نحتاجه بالفعل هو لغة مطلقة واضحة ترشدنا الى بناء مجتمع المواطنة والعدل والمدنية والشراكة والمساواة التي تعلمناها في بيت الهاشميين منذ الجد المؤسس جلالة الملك عبد الله الاول الى جلالة الوارث عبد الله الثاني، والتي ترفض في مضمونها فكرة البعض المأزوم المتضمنة تصنيفات اثنية او طبقية للمواطنين داخل جسم البلد الواحد، وما يهم في المقام الأول وضمن تكالب التحديات ان لا نجد أنفسنا تحت ظل فئة ما زالت مهيمنة على عصب الحياة الاقتصادية، فتصول وتجول وتستغل حاجات المواطنين، وتوهمنا انها مع مصلحة البلد وهي المنقذ لكنز سليمان ، لذلك لا بد من تعزيز دعم اتجاه المحاسبة والمساءلة والنقد والكشف والشفافية، وبذلك ستتسم وتتجلي سعادتنا الوطنية عبر تحقق العدالة التي هي وحدها من يجابه كل أصناف الإعاقات وينقذنا من متواليات التراجعات القيمية جراء تفاقم هشاشة قيم البعض وخوائهم في بعض المسؤوليات.
بقي ان أقول: نحتاج الى لغة، جلها الوضوح والشفافية المطلقة، لغة لا تقبل بالمراوغة، لأننا أمام احتياجات الوطن ومستقبل الأجيال، وكفى ادعاءً وزيفاً، فما نحتاجه بالمطلق عودة إلى مصارحة الذات التي تعد سفينة النجاة، ولذلك ينبغي على الكافة تحمل المسؤولية التاريخية تجاه الوطن من خلال الالتزام بالمصداقيه التي تخلق الثقة وتجدد الأمل وتوحد العمل بإذن الله.
والله المستعان