«الكمّامة» .. شخصية العام 2020
عوني الداوود
05-12-2020 12:03 AM
نعم هي «الكمّامة» التي فرضت نفسها ووجودها على أفواه العالم في عام لم يشهد له تاريخ البشرية مثيلا ، ليمضي عام كامل والعالم يواجه حربا مع فيروس مستجد شرس اصاب أكثر من (65 مليون) شخص وأودى بحياة نحو (1,5مليون) شخص حتى يوم أمس ، ولم نملك طوال عام يوشك على الرحيل سوى سلاح «الكمامة» نواجه من خلاله عدوا مجهولا ، وحالة عدم يقين لا زالت تطغى على الاحوال الصحية والاقتصادية والاجتماعية في العالم أجمع ، على أمل ظهور لقاحات فاعلة قادرة على التغيير نحو الافضل والبدء بالعودة الى حالة التعافي اعتبارا من العام المقبل 2021 .
(صحيا) : كانت «الكمامة» هي سيدة المشهد والعلاج الذي أجمع عليه العالم كخط دفاع أول في مواجهة وباء كورونا .
( صناعيا وتجاريا ) : كانت «الكمامة» هي المنتج الاكثر انتاجا وتصديرا ورواجا في العالم ايضا ، وفي الاردن بدأ الحال بانتاج نحو ( 300 ألف ) كمامة يوميا ، الى ان وصلنا لنحو( 5) ملايين كمامة في اليوم ،حققنا من خلالها اكتفاء ذاتيا وبدأنا نصدر للخارج .. و» عالميا « تحولت مصانع سيارات عالمية - في امريكا والصين وغيرها لانتاج الكمامات - وارتفع انتاج الصين من الكمامات الى ( 50 مليار كمامة ) في النصف الاول من 2020 .
( تشريعيا ) : أصدرت جميع دول العالم - بما فيها الاردن - تشريعات فرضت من خلالها وأوجبت الزامية ارتداء الكمامة في اماكن التجمعات تحديدا .. وجعلت «الكمامة» شرطا لدخول الوزارات والشركات ، بل والمساجد والكنائس .. وكافة المرافق ، وفرضت غرامات وعقوبات على من لا يلتزم بارتداء «الكمامة».
( سياسيا ) : يرى مراقبون أن «الكمامة» كانت من الامور الابرز التي ساهمت باسقاط الرئيس الامريكي الجمهوري ترامب الذي لم يعر «الكمامة» أهمية وهزأ من ضرورة ارتدائها فكانت سبب فشله في ادارة أزمة كورونا ، بينما ساهمت «الكمامة» كثيرا في فوز الرئيس المنتخب الديمقراطي جو بايدن ، وحسمت أصوات صناديق البريد «الديمقراطية» سباق الرئاسة الامريكية لان الديمقراطيين كانوا الاكثر «تحوطا» وحذرا بالتعامل مع الجائحة وفضّل معظمهم الانتخاب عبر البريد بعيدا عن الوقوف في طوابير أمام صناديق الاقتراع كما فعل غالبية الجمهوريين .
( اجتماعيا ) : شكلت «الكمامة» صورة من صور التعاون والتكافل الاجتماعي بين معظم دول وشعوب العالم من خلال شحنات المساعدات التي قدمتها دول الى أخرى لمواجهة جائحة كورونا وكانت شحنات وحاويات «الكمامات» في مقدمة معونات الدول بالاضافة الى المعونات والمساعدات الصحية والطبية الاخرى .
باختصار .. فان الكمامة غيرت شكل العالم في 2020 .. كما غيرت شكل الناس الذين لم يعد يظهر من وجوههم غير «أعينهم»، بتغطية «الأفواه والألسن والأنوف» ، حفاظا على «أنفاسهم « من العدوى ..وغيّرت سلوكيات البشر فتوقف الانتقال والسفر .. وتعطلت الاجتماعات والمؤتمرات واللقاءات والتجمعات .. وتغير شكل الافراح والاتراح .. وتقدم القرار الصحي في العام 2020 على كل القرارات الاخرى ،فصحة الانسان أولا ،وسلاحها الأول «الكمامة» .. فهل نطوي العام 2020 بكمامته مع بزوغ أمل التعافي بظهور في العام الجديد 2021 بـ «لقاحاته» ؟!..نأمل ذلك.
(الدستور)