الحملات الأمنية .. نهج إصلاحي لا إنتقامي
أ.د. خلف الطاهات
04-12-2020 06:06 PM
من التقاليد الراسخة لتحقيق الأمن المجتمعي التي اعتدنا عليها ضمن الاستراتيجية الأمنية هي الحملات الامنية والتي تعتبر واحدة من اهم مظاهر التاكيد على سيادة القانون ولجم الجريمة وفرض هيبة الدولة على كل شبر من اراضي المملكة الأردنية الهاشمية.
جهاز الأمن العام بما يحظى من ثقة شعبية عالية وبما يمتلك من شرعية تاريخية من تضحيات ومواكب الشهداء التي قدمها ولا يزال في الدفاع عن امن الاردن وانسانه، يستطيع باي وقت ومتى رصد الوضع الجرمي يتزايد ان ينفذ حملة امنية، ويضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بامن الوطن او تهدد حياة الإنسان، وهو جهاز لا تستعصي عليه اي منطقة في الاردن قربت او بعدت عن عمان، كبرت او صغرت في الوصول اليها، وأمام هيبته وتضحياته فلا أحد فوق القانون.
وفي حملتها الأخيرة المُسّيجَة بدعم وإسناد شعبي غير مسبوق بتاريخ الحملات الأمنية، والمتعلقة بملاحقة وضبط مطلقي العيارات النارية وحيازة الاسلحة غير المرخصة، حققت تلك الحملة التي انطلقت منذ الانتخابات النيابية الأخيرة ولا زالت مستمرة نجاحا باهرا ونتائجا تعكس مستوى وقوة الحضور الأمني وتعزيزه في كل أرجاء الوطن.
يكفي تصفح صفحات التواصل الاجتماعي التي عجّت بعشرات المئات من المنشورات التي ترحب بهذه الحملة، وتعلن دعمها وتأييدها للسياسة الأمنية وحملتها على مطلقي العيارات النارية وحائزي الأسلحة غير المرخصة بهدف حماية أمن المجتمع، خاصة بعد ان عاش الوطن أحزانه وهو يشاهد العديد من الأطفال والشباب ضحايا الإستهتار والمبالغة في إطلاق العيارات النارية في الافراح والمناسبات، عشرات المواطنين الأبرياء أُزهقت أرواحهم في نشوة احتفال باطلاق صلية من الرصاصات انتزعت أرواح برئية وأعزاء رحلوا بلا ذنب!!
سياسة الامن العام مستمرة منذ تأسيسه في اطلاق حملاته الأمنية بين الفترة والاخرى، لا شيء يدعو للغرابة او الاستهجان، فهذا نهج أمني طبيعي وروتيني ومطلبي لاستقرار المجتمع، وبالرجوع الى ارقام ونتائج الحملات الأمنية خلال السنوات السابقة ومصادرة الأسلحة غير المرخصة يعكس نهج الثبات والاصرار في الاستراتيجية الأمنية في حماية أمن الوطن وأرواح الأبرياء من أية مخالفات او تجاوزات هنا او هناك.
لقد حاول البعض التشويش على سير هذه الحملة، ومحاولة الباسها لبوس الباطل، وحرفها عن مسارها الوطني لحماية المجتمع والتقّول والتدليس بانها تستهدف منطقة جغرافية بعينها دون غيرها من مناطق الوطن، إلا ان النشرة الاخبارية اليومية الموثقة والبيانات الاعلامية الصادرة عن المكتب الاعلامي للأمن العام والمتاحة لكل المؤسسات والجهات الاعلامية والصحفية وغيرها تفند الباطل والتدليس الذي اراده هذا البعض ، فعمليا وحسب المكتب الاعلامي لمديرية الأمن العام خضعت كافة محافظات المملكة والوياتها ومناطقها للرقابة والتفتيش دون استثناء، وتم ضبط عشرات الاسلحة من اربد والوياتها والطفيلة والبادية والكرك والزرقاء وجرش ومعان وعجلون ومادبا والاغوار، وتحويل كل من حاز سلاح دون ترخيص او اطلق عيارات نارية الى الجهات المختصة وفق الاصول القانونية.
لم يتحرك الامن العام في حملته الضاربة على مطلقي العيارات النارية ترفا ولا استعراضا، فهو مؤسسة وطنية ويقدر ويتفهم ان البعض وفي حالة نشوة وانتصار وفرح وتحت الانفعال الشديد وبطريقة بريئة يقوم بالتعبير عن فرحه باطلاق عيارات نارية، وما ان يقوم المركز الامني باستدعائه عبر اتصال هاتفي حتى يتجاوب فوريا!! لا يحتاج في هذه الحالات من القوات الامنية اي اشتباك ولا تحريك اية اليات او استخدام معدات، فجهاز الامن العام هو امتداد للموروث الاردني العريق، وابنائه هم ورثة العادات والتقاليد التي تحترم حق الانسان في الحياة، وهم حملة شعار الانسان اغلى ما نملك والعين الساهرة على حق الاردني في حياة آمنة خالية من العنف والاجرام!
كان لتعاون المواطنين والوجهاء وشيوخ العشائر والاهالي كبير الأثر في إنجاح الحملة الأمنية واستمراريتها،فضلا عن توجيهات مدير الأمن العام اللواء حسين الحواتمه لمدراء المراكز الأمنية بتفعيل الرقابة والمتابعة والجولات الميديانية في مناطق اختصاصهم كبير الاثر في نجاح الحملة. فقد تلقى الأمن العام عبر مركز العمليات والسيطرة والمراكز الأمنية المئات من الاتصالات والإبلاغات عن تجاوزات في كافة مناطق المملكة. ليس هذا فحسب، بل ان المسؤولية الاخلاقية والقانونية والوطنية الملقاة على عاتق الامن العام لحماية امن المجتمع وافراده جعلته يقوم بمتابعة ورصد وضبط كل ما ينشر عبر فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي، وضبط الاسلحة المستخدمه ومستخدميها سواء اكان ذكرا او انثى ، كبيرا او صغيرا وفق الاصول الادارية والقانونية المتبعة!
لم يكن الدعم الشعبي وجدية وصرامة وجهوزية الامن العام في تنفيذ الحملة هي فقط من اسباب نجاح الحملة الامنية، بل ان الفهم الحقيقي لقيادة جهاز الامن العام لرسالته والتي تكمن في الحفاظ على الامن الوطني من خلال تعزيز الشراكات ومستوى التنسيق والعمل الجماعي بروح الفريق الواحد مع بقية مؤسسات واجهزة الدولة الامنية والعسكرية، قادت الى تحقيق نتائج مميزة انتهت بتحقيق اهداف الحملة وفرض هيبة الدولة على كل شبر من اراضيها وتعزيز سيادة القانون وخفض مستوى الجريمة.
ختاما و حتى هذا اليوم تم ضبط عشرات القطع من الاسلحة من مختلف مناطق المملكة بحسب التصريحات الاعلامية للناطق الاعلامي باسم الامن العام. وهي حصيلة جاءت من مختلف مناطق ومحافظات المملكة وهذه الحملة كما غيرها من حملات الامن العام في مكافحة المخدرات، وحوادث السير، والاشاعة، والتنمر، واطلاق العيارات النارية، وحملات الاسلحة غير المرخصة تعكس ان مديرية الامن العام تعمل دوما بنهج اصلاحي لا انتقامي!!