اين يكمن الخطأ في الشرق الاوسط ؟ (1)
د.احمد القطامين
07-04-2010 10:20 PM
نشر مؤخرا كتاب بعنوان "اين يكمن الخطأ في الشرق الاوسط" "What is really wrong with the Middle East" للكاتب البريطاني "برايان ويتيكر" الذي عمل محررا لشؤون الشرق الاوسط في صحيفة الجارديان البريطانية. لقد قام السيد ويتيكر بدراسة تفصيلية للمنطقة استغرقت اربع سنوات التقى خلالها مع مجموعة كبيرة من المثقفين والمفكرين واساتذة الجامعات والطلبة والمهنيين والعمال والفلاحين، مغطيا بذلك فئات واسعة جدا من المجتمع العربي.
استطاع المؤلف ان يجمع كما هائلا من المعلومات حول الاوضاع السائدة في الدول العربية بالاضافة لخبرته السابقة في الشؤون العربية بصفته المحرر المسؤول عن شؤونها في الجارديان، واستمع وسجل اراء كل الفئات في هذه المجتمعات، وشرع في عملية دراسة تفصيلية متمعنة لاسباب التخلف "المزمن" و"العصي على التغيير".
كان الهدف من هذا البحث ان يشخص الاسباب الكامنة وراء "عناد" هذا المنطقة على التقدم بالرغم من كل الامكانيات المادية والبشرية والطبيعية المتاحة. وقد اثار اهتمام المؤلف حقيقة ان دول اخرى كانت اشد تخلفا من الدول العربية استطاعت خلال الخمسين سنة الماضية التغلب على عوامل تخلفها وتقدمت في شتى مناحي الحياة.. بينما اخذت الشعوب العربية تتراجع في مقاييس التقدم عاما بعد اخر.. وكان سؤاله البحثي يتمحور حول "ما السبب" ؟
توصل المؤلف الى خلاصة مفادها ان المشكلة لا تكمن فقط في قمع السلطات الحاكمة لشعوبها والاستبداد بالثروة وتداول السلطة بين مجموعة محدودة من مكونات المجتمع بل ان الشعوب نفسها سبب اساسي لتلك المشكلة. ويضيف ان من يقع عليهم فعل القمع والكبت والحرمان من المشاركة في ثروات المجتمع وسلطاته يتحولون مع مرور الزمن الى ممارسين لنفس القيم الفاسدة. وان ضحايا الظلم والفساد والرشوة سرعان ما يتحولون الى ممارسين لها اذا ما اتيحت الفرصة لهم ان يقوموا بذلك.
ويضيف المؤلف، ان العلة الكبرى في المجتمعات العربية هي "شعور شعبي عارم وعام ودائم بالعجز"، العجز عن تجسيد "حالة امة".. وهو عجز يؤدي الى تعطيل الارداة الجمعية للشعب مما يحبط اية محاولة لمواجهة من يرغب في انكار وجوده وحقه في مقاومة من يحاولون الهيمنة عليه وعلى مقدراته.
ويقول الكاتب، ان ذلك ادى مع مرور الايام الى شعور المواطن في هذه المجتمعات انه "شيئ مهمل وعاجز" عن الحركة او المساهمة في عملية التغيير .. فظل فكريا وانسانيا شيئ ملقى على قارعة الطريق بينما يدور الكون حوله وعلى ارضه ذاتها دون توقف.
يتبع.. في الحلقة القادمة.
qatamin8@hotmail.com