يوميات طبيب على خط النار صرخة طفل يتيم
د. فيصل الدباس
03-12-2020 05:41 PM
صدع صوته في غرفة الولادة ليعلن عن قدومهِ، صوت رائع يتفجر بين أروقة المستشفى تمتلئ عيناك دموعاً عند سماعه، حتى ولو كنت عابر سبيل، فإنك تفرح لفرح أهل الطفل عندما يعانقون بعضهم بهذهِ المناسبة السعيدة وتهنئهم بها بشكل لا إرادي، ولكن!!! في هذه التجربة الحزينة التي أحاول نقل تفاصيلها القاسية، وأنا يعتصرني الألم، أردت أن أشارككم إياها حتى تشعروا ما يحس به الناس من الم الفراق والبعد! بسبب بعض التصرفات الفردية الطائشة والتي أصبحت تصرفات جماعية!
قصتنا لطفل قدم إلى هذه الدنيا في موعده الذي كتبه الله له، ولكنه صدم بأمور تجري من حوله ليس له علاقة بها إنصدم بالأطباء الذين يرتدون ملابس بالكاد ترى أعينهم منها تحجب عنه ابتسامتهم، انصدم بأن أمه لم تضمه إلى صدرها كباقي الأطفال، إنصدم عندما خرج إلى واقع مرير ممتلئ بفيروس يقال له (كورونا)، وأكثر ما صدمه هوه أن من حملته في بطنها تسعة أشهر مصابة بكورونا أيضاً!
بعد وهلة من تلقي هذه الأخبار التي ليس له علاقة بها، أصبح الآن في مرحلة العزل أو (الحجر)، ويتم اجراء فحوصات له للتأكد من خلوه من هذا الفيروس مثله مثل البالغ العاقل، وينتظر نتيجته !!!!! وذنبه هو قدومه في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها المملكةلا بل العالم أجمع !
يشتاق الطفل إلى حضن أمه ليشبع من حنانها، ولكن كان قدر الله أسرع عندما اختارها لجواره، توفيت الأم بهذا الفيروس ولم تملأ عيناها بطفلها الذي حملته تسع شهور، توفيت وهي لا تعاني سوى من الضغط والفيروس المستجد (كورونا).
يصرخ الطفل منادياً : أمي !!!
يصرخ في مجتمعه: ما ذنبي بأن أولد يتيم الأم ؟؟؟؟ لماذا علي أن أُواجه الحياة وأنا محروم من قول كلمه أمي !؟؟
رسالتي الى كل نشمي ونشمية إلى كل شخص غيور على مصلحته ومصلحة أهله واقاربه ووطنه، إلى كل شخص يرفع أكف الدعاء الى الله بأن يرفع عنا هذا البلاء وأن يقينا شره: رسالتي هي رفع روح المسؤولية عند الجميع ونشر الوعي بين الناس حتى ننعم بالراحة والطمأنينة من شر هذا القاتل الصامت، وإلا سوف نكون نحن من يساعد هذا القاتل على تنفيذ جريمته ونكون شركاء معه بنفس الجريمة بشكل غير مباشر!!!
عندها لن ندرك شعور هذا الطفل اليتيم حتى تتكرر مراراً وتكراراً لا سمح الله !
دمتم بحفظ الله ورعايته