محمود عباس وكتابه "القضية وآفاق جديدة"
يوسف عبدالله محمود
03-12-2020 05:05 PM
بالرغم من قِدم الفترة الزمنية التي نُشر فيها كتاب "القضية ..آفاق جديدة" للرئيس الفلسطيني محمود عباس (ظهرت الطبعة الاولى من الكتاب عام 1978 عن دار القدس ببيروت ثم أُعيدت طباعته عام 1979 بعد أن اضيفت اليه مواد جديدة).
فإن ما ورد فيه يسلط الضوء على العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية التي وصلت اليوم الى طريق مسدود بعد ان نسفت إسرائيل أية احتمالات للسلام بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.
محمود عباس بصراحته المعهودة يلقي بالمسؤولية الكبرى في عدم حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والعربي الإسرائيلي على عاتق الإدارات الأمريكية المتعاقبة وعلى اليمين الإسرائيل ممثلاً بحزب "الليكود" وصقوره وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الحالي نتنياهو. وفي رأي "ابو مازن" فإن أمريكا لا ترى المنطقة العربية من خلال إسرائيل ولكنها ترى إسرائيل من خلال رؤيتها للمنطقة.
في كتابه يتحدث محمود عباس عن الأسلحة القوية التي يملكها العرب والقادرة على التأثير في الموقف الأمريكي لصالح القضية الفلسطينية ومنها سلاح "البترول العربي" و"الأموال العربية في البنوك الأمريكية". وبشعور قومي صادق يقول إن النفط يجب أن يخدم القضية القومية بمعنى أن يكون ثمنه ليس أموالاً فحسب، بل أموالاً ومواقف سياسية. ومع الاسف فهذا المطلب أصبح ممنوعاً طرحه.
أما الأموال العربية المودعة في البنوك الأمريكية فهي من أهم أسباب دورة "الاقتصاد الأمريكي. لذا يجب مطالبة أمريكا بثمن سياسي مشروع لهذه الخدمات الجليلة. مطلب آخر هو الآخر من الممنوعات!
يشير محمود عباس في كتابه الى فقرة وردت في مقال الكاتب الإسرائيلي أليعزر لفنه نشره في جريدة هآرتس الإسرائيلية بتاريخ 11/11/1973 وفيه يقول: "علينا ألا نطلب من الولايات المتحدة عوناً، وإنما شبكة دفاع إقليمية تضع طاقاتها في خدمة المصالح الأمريكية".
اقترح محمود عباس على البلدان العربية وبخاصة الغنية منها أن تقوم كل بلدية عربية بتبني بلدية من الضفة والقطاع المحتلين، تكون مسؤولة عن مشاريعها ومستقبلها. كان هذا الرئيس متفائلاً على ما يبدو غير مدرك ان الواقع العربي اليوم منقسم نفسه. ثمة من العرب من يدعو الى وضع القضية الفلسطينية على الرف وكأني بهم يريدون تصفيتها بأي ثمن.
ومع الأسف فإن هذا الرئيس الفلسطيني الممدودة يده للسلام يتم اليوم التجني عليه من بعض الفئات الفلسطينية زاعمين انه قد تنازل عن الحق الفلسطيني. المتجنّون انفسهم يتناسون تاريخ هذا الرجل النضالي مع رفيق دربه الشهيد ياسر عرفات.
محمود عباس الذي ترك ومازال يترك الباب مفتوحاً للسلام العادل بين اليهود والفلسطينيين لا يمكن ان يخذل شعبه فيتنازل عن الحق في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية. هو اقسم ولن يحنث بقسمه والدليل على ذلك تصديه لصفقة القرن التي "طبخها" ترمب لتصفية القضية الفلسطينية. ألا يكفي هذا دليلاً على اخلاص الرجل لقضيته المصيرية؟
حازماً حين قال: إن القدس ليست للبيع وان المستوطنات على ارض الضفة الغربية وغزة هي غير شرعية، فالأرض ارض فلسطينية محتلة.
أبعد هذا يُقال إن الرجل فّرَّط بالقضيةّ! دعونا يا قوم من توجيه الاتهامات الى من يمتلك إرثاً نضالياً لا ينكره إلا مكابر أو "مزاود"، دعونا من "التخوين". "التخوين سُبّة لا يرتضيها تاريخ هذا الرجل.
ضغوط هائلة يتعرض لها محمود عباس من أمريكا وبعض العرب للقبول بالصفقة -صفقة القرن- وفي مقدمتها الضغوط المادية على ميزانية شعبه إن من إسرائيل أو أمريكا، ومع لك فالرجل صامد صامد.
ختاماً أهيب بالرسميين العرب ان يساندوا هذا الرجل، يساندوه في الدفاع عن "الاقصى" المهدد بالاستباحة الإسرائيلية.