قطاع السياحة الأردني قبل وبعد كورونا
ايهاب العمري
03-12-2020 01:31 PM
مُقدمة
يعد قطاع السياحة الأردني المصدر الأول للعملات الصعبة، حيث وفر ما يقارب 450 مليون دينار للخزينة العامة للدولة، على شكل ضريبة مبيعات و إيرادات المواقع السياحية عام2018م.(وزارة السياحة، دائرة المعلومات والإحصاءات:2019). وتعد صناعة السياحة من أهم وأعظم الصناعات تطوراً ونمواً في العالم، حيث احتلت هذه الصناعة المراتب الأولى في الاقتصاد العالمي، من حيث رأس المال المستثمر وعائدات العملة الأجنبية وعدد العاملين في هذا الميدان،ونظراً للدور الذي تلعبه السياحة في التنمية الشاملة،ارتأت كثير من الدول وخاصة النامية منها باختيار هذه الصناعة كحجر الأساس في اقتصادها الوطني كالأردن، حيث تعتبر السياحة فيها من أعظم وأسرع الصناعات نمواً وتطوراً نظراً لتنوع إيحاءاته التاريخية والطبيعية والدينية والعلاجية،كما أن تقاليده تراث زاخر لمعظم العالم المتمدن،لهذا فإن الأردن كباقي دول العالم النامي يعتمد على السياحة كمورد أساس في الدخل الوطني، ويحاول جاهداً لتوفير كافة مستلزمات هذه الصناعة وإيجاد التوازنات المطلوبة، لتحقيق السياحة الفاعلة والمؤثرة إيجاباً في الاقتصاد الوطني وارتفاع دخل الأفراد ومستوى المعيشة.(Alomari&others2015).
تظهر لنا الإحصاءات الرسمية الدور الايجابي الذي لعبه قطاع السياحة بالنسبة لاقتصاد الأردني، والتحسن الملحوظ على القطاع في الثالث سنوات الأخيرة (يرجى ملاحظة الجداول 1), فعلى سبيل المثال بلغ عدد السياح الذين زاروا الأردن عام 2019حاولي 5.360.587مليون سائح, حيث وافروا دخل سياحي وصل في الأردن إلى4108.4مليار دينار, بنسبة مساهمة بالناتج المحلي الإجمالي وصلت إلى14%, بالإضافة إلى الدور الذي لعبته السياحة في توفير فرص العمل، حيث يعمل بقطاع السياحة الأردني حوالي 53.488الف شخص لعام (وزارة السياحة و الآثار الأردنية، 2019).
جدول رقم (1) يظهر تطور السياحة في الأردن من عام 2017-2019 / إعداد الباحث.
عدد السياح القادمين إلى المملكة الدخل السياحي في الأردن نسبة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي الأردني مجموع إعداد العاملين في مختلف القطاعات السياحية
عام 2017 4.565.158 مليون 3293.6 مليار 11.5% 51.365 ألف
عام 2018 4.922.169 مليون 3726.6 مليار 12.5% 51.550 ألف
عام 2019 5.360.587 مليون 4108.4 مليار 14% 53.488 ألف
المرجع : موقع وزارة السياحة والآثار الأردنية / النشرة الإحصائية السياحية2017-2019.
يظهر الجدول رقم (1)التحسن الملحوظ لقطاع السياح الأردني، في الثلاث سنوات الأخيرة من عام 2017-2019، بعد ست سنوات سيئة من تاريخ السياحة الأردنية منذُ بداية عام 2011 حتى نهاية عام 2016, حيث عرفت تلك الفترة (بحركات الاحتجاج العربي /الربيع العربي), وجاءت تلك الحالة من عدم الاستقرار السياسي بأثرها السلبي على سوق السياحة الأردني, بعد تحسن غير مسبوق لقطاع السياحة الأردني مع نهاية عام 2007، واستمر هذا التحسن حتى نهاية عام 2010 بمجرد إعلان البتراء ثاني عجائب الدنيا السبعة، والتي عرفت بالمرحلة الذهبية لقطاع السياحة الأردني, ويمكن ملاحظة ذلك بالدرجة الأولى على النمو الكبير بعداد السياح، حيث حققنا أعلى رقم بتاريخ المملكة لعداد السياح القادمين إلى الأردن وكان ذلك لعام 2010 والبالغ 8.247.136 مليون، مع ملاحظة انه لم يكن هنالك أي تأثير سلبي يذكر للازمة المالية العالمية على قطاع السياحة الأردني، والنسب الإحصائية الاقتصادية في الجدول رقم (2) تؤكد على ذلك،وتظهر العكس هو التحسن الايجابي على الأنشطة السياحية في للأعوام 2008-2010, وكان السبب في ذلك كما أسلفنا الذكر انه تم تحويل البتراء لتصبح ثاني عجائب الدنيا السبعة، الأمر الذي أدى إلى تدفق نخبة سياح العالم ذوي الدخل آلا محدود والأثرياء لزيارة تلك الأعجوبة, بحكم التغطية الإعلامية والتسويق السياحي الخارجي الذي تعرضت له البتراء في تلك الفترة، ويمكننا ملاحظة ذلك من خلال ارتفاع الدخل السياحي الخاص بتلك الفترة، كمؤشر قياس لنوعية الطبقة والدخل للسياح القادمين إلى الأردن، مع العلم أن المنتج السياحي الأردني يعتبر غالي الثمن قياسا بدول أخرى، نتيجة ارتفاع التكلفة التشغيلية على مقدمي الخدمات السياحية وخاصة قطاع الفنادق. أنظر إلى جدول رقم(2).
جدول رقم (2) الذي يظهر تحسن الأنشطة السياحية للأعوام 2008-2010 .
عدد السياح القادمين إلى المملكة الدخل السياحي في الأردن مجموع إعداد العاملين في مختلف القطاعات السياحية
عام 2008 7,100,482 مليون 2088.9 مليار 34.966 ألف
عام 2009 7,084,552 مليون 2067.0 مليار 40.092 ألف
عام 2010 8,247,136 مليون 2423.3 مليار 41.900 ألف
المرجع: موقع وزارة السياحة والآثار الأردنية / النشرة الإحصائية السياحية2008-2010.
بشكل عام عانى قطاع السياحة الأردني من هزات متعددة في السنوات السبع عشرة الأخيرة، بداية من أحداث احتلال العراق عام 2003م، إلى الأزمة المالية العالمية عام 2008م والتي أثرت بشكل كبير على قطاع السياحة الأردني، وصولاً إلى حركات الاحتجاج العربي في عام 2011م، والتي أثرت على الاقتصاد الأردني بشكل عام وقطاع السياحة بشكل خاص(Alomari&others2015)، و انتهاءً بإحداث أزمة وباء كورونا العام 2020، وهنا وفي هذا البحث نحاول إلقاء الضوء على موضوع فايروس كورونا في الأردن، وتأثيراته على قطاع السياحة الأردني وسبل تقييمها وكيفية التعامل مع نتائجها ومعالجتها، أيضا مقارنة للمؤشرات والوضع قبل وبعد كورونا.
تحليل
بعد أن أعلنت منظمة السياحة العالمية، توقعاتها لعام 2020 بشأن السياحة الدولية الوافدة، حيث أصبحت سلبية تمثل تراجعا يتراوح بين 1٪ ألى3٪، مما يترجم إلى خسارة تقدر بما يتراوح بين 30 ألى50 مليار دولار أمريكي في عائدات السياحة الدولية عالميا حتى 1 نيسان 2020، أما قبل تفشي فيروس كوفيد-19، فكانت المنظمة تتوقع نموا بنسبة تتراوح بين 3٪ ألى4٪ للعام الجاري، ويتوقع هذا التقييم الأولي أن يكون إقليم آسيا والمحيط الهادئ واقليم الشرق الاوسط الأكثر تضرراً، بانخفاض مرتقب لعدد الوافدين يتراوح بين 9٪ ألى12٪، وتشدد منظمة السياحة العالمية على أنه يجب التعامل بحذر مع هذه التوقعات التي يرجح أن تتغير(منظمة السياحة العالمية، 2020).
محليا صرحت ل(IATA) أن عدد رحلات الطيران في الشرق الأوسط أنخفض بنسبة 95% في الربع الأول لهذا العام، و أضافت أن عودة شركات الطيران للعمل معتمدة على تقيم الحكومات للمخاطر، وعودة مكاتب السياحة والسفر للعمل مُعتمدة على عودة شركات الطيران للعمل و أعادة افتتاح المطارات من جديد، وهُنالك توقع بانتعاش تدريجي في حركة الطيران بالربع الثالث والرابع لهذا العام، فبتالي انتعاش تدريجي في قطاع مكاتب السياحة والسفر في الربع الأول لعام 2021، والعودة القوية في قطاع السياحة الأردني ستكون متأخرة حتى خريف عام 2021.(العمري، صوت الحق الإخبارية 2020).
أيضا، لم نتعلم من الأزمات المؤقتة السالفة الذكر، كيف نضع نظام إدارة أزمات يقودنا إلى التكيف مع التغير الحاصل، والمحافظة على استمرارية النمو والربح في القطاع السياحي, وهذا الشيء يمكن ملاحظته هذه الأيام مع أزمة فايروس كورونا، حيث لم نشهد أي تحرك رسمي على مستوى القطاع السياحي لإدارة الأزمة والتعامل معها, بالرغم من وجود الإنذار المبكر العالمي بشكل أعلاني، عندما تم الإعلان عن أول حالة في الصين أي قبل شهران من تسجيل أول حالة في الأردن،والتي كانت بتاريخ 2 آذار 2020(وزارة الصحة، 2020). أي بمعنى أخر مدة شهران ليست بطويلة، لكنها كافية لوضع خطة على مستوى القطاع السياحي لأداره الأزمة، في حالة لو وصلت ألينا ولكن للأسف حصل ما توقعنا و وصل المرض إلى الأردن، وجلسنا ننظر في القطاع السياحي مكتفي الأيدي وهو يتآكل أمامنا لعام 2020، حيث توقفت الحركة السياحية بشكل كامل مع إغلاق جميع المعابر البرية الدولية والمطارات وميناء العقبة, أمام حركة المسافرين بحيث لا يدخل أو يخرج من الأردن أي مسافر، كجراء علاجي من الحكومة الأردنية للحد من انتشار الفايروس، في حالة لو ما خالط احد من الشعب الأردني وبالذات العاملين في القطاع السياحي أي احد من السياح المصابين القادمين إلى الأردن، وحدث ذلك بعد تسجيل عدد من الإصابات المخالطة لسائحة كنديه.
وتأتي هذة الدراسة لمناقشة أثر أزمة كورونا على قطاع السياحة الأردني، وبذات بعد تصريح وزيرة السياحة القائلة فيه: انه لا استئناف على النشاط السياحي محليا وعالميا حتى نهاية شهر تشرين الأول من هذا العام، لان وباء كورونا يصعب كثير ضبطه، و أمكانية تفعيل السياحة الداخلية كخطة بديلة حيث أنها تحل من 10-20% من اثر الأزمة، ولا تعوض بشكل كامل خسارة السياحة والوافدة، وإشارات انه يمكن توظيف ما ينفقه الأردنيين على السياحة الصادرة لغايات السياحة الداخلية، حيث انفق الأردنيون ما يقارب مليار دينار أردني على السياحة خارج الأردن لعام 2019.( جريدة الغد2020). لكن نسبة التعويض كانت فقط 3% من حجم الخسارة عن طريق السياحة الداخلية والمٌتمثلة بإنشاء برنامج "أردننا جنة" و "أردننا بخير".
لا شك أن السياحة تلعب دور مهم في دعم اقتصاديات دول العالم الثالث ومنها الأردن، حيث ساهمت السياحة ب14% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2019 وبدخل تجاوز 4مليار دينار أردني.، لكن للأسف قطاع السياحة كان أكبر المُتضررين وأخر المُتعافين من جراء أزمة فايروس كورونا التي نمُر بها الآن، حيث أظهرت لنا الإحصاءات الحكومية الدور السلبي للجائحة على القطاع وكانت محليا وعالميا كتالي:
-انخفاض الدخل السياحي بنسبة 37%، في الثلث الأول لهذا العام، وحتى نهاية تشرين الثاني من هذا العام خسر الأردن 4مليون زائر، و3مليار من الدخل المُتأتي من القطاع السياحي.
-بلغ مجموع الدخل السياحي في الأردن حوالي ٨١٩مليون دينار حتى نهاية شهر تموز لهذا العام، بينما بلغ ٢.٣مليار دينار لنفس الفترة من العام الماضي ٢٠١٩، بنسبة تراجع بلغت ٥٣%، وتراجع أنفاق الأردنيين على السفر مع جائحة كورونا حيث بلغ حتى نهاية تموز لهذا العام حوالي ٦٧ مليون دينار فقط،بينما بلغ أنفاق الأردنيين على السفر حوالي ٨٢٠مليون دينار لنفس الفترة لعام ٢٠١٩، بنسبة تراجع بلغت ٨٥%.
-107,2مليون خسائر الملكية الأردنية للطيران في أول 9اشهر من هذا العام بسبب جائحة كورونا، مع معدل انخفاض بأعداد المسافرين وصل إلى 74%.
-أيضا في الأردن أغلق 60مكتب سياحة وسفر مكاتبهم وأعلنوا افلاسهم في أول 10اشهر من العام الحالي من أصل 782مكتب مرخص حتى عام 2020.
-صرح مُنتدى الاستراتيجيات الاردني 46% من العاملين بالقطاع السياحي قد خسروا وظائفهم حتى تاريخ 1/9/2020نتيجة جائحة كورونا. و أن حجم الضرر على القطاع السياحي بسبب جائحة كورونا كبير جدا، مبينا أن خسائر القطاع السياحي تقدر بمليار دينار (1.4 مليار دولار(
-عالميا تراجعت حركة السياحة الدولية international tourism بنسبة 70% في أول 8أشهر من هذا العام، بعد تراجع بأعداد السياح الذي وصل إلى 700مليون سائح مع خسائر وصلت إلى 730مليار دولار في قطاع السياحة العالمي.
أيضا انخفضت إيرادات الطيران العالمي بنسبة 46% في أول 8أشهر من هذا العام، وتحذير من تسريح ملايين العاملين.
يُشار إلى تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي بنسبة49% هذا العام.
-أنخفضت نسبة الإشغال فى فنادق مدينة العقبة السياحية بالأردن إلى أدنى مستوياتها، مقارنة بالأعوام السابقة، حيث وصلت إلى أقل من 25%، وفق مفوض السياحة والاقتصاد، فى سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة شرحبيل ماضى.حتى تاريخ 1/10/2020.
-وأكد البنك المركزى الأردنى، تراجع حجم الدخل السياحى بالأردن، بنسبة 63.7% فى أول 7 شهور من عام 2020، لتسجل 819 مليون دينار".وأضاف أن إنفاق الأردنيين على السفر، تراجع بنسبة 67% فى الأشهر السبعة الأولى من العام الحالى، ليسجل بذلك 205 ملايين دينار.
كان منتدى الاستراتيجيات الأردنى، قد أصدر تقريراً مؤخرا عن أداء القطاع السياحى خلال جائحة كورونا، حيث توقع انخفاض إيرادات السياحة عام 2020 بنسبة 58 % (أى بما لا يزيد عن 2.4مليار دولار) بالمقارنة مع إيرادات عام 2019، والتى وصلت إلى 5.8 مليار دولار، كما أكد أن 46 % من العاملين فى قطاع السياحة فى الأردن يتوقع أن يخسروا وظائفهم بسبب جائحة كورونا.
الحلول الحكومية لإنقاذ قطاع السياحة كانت من خلال برنامج أردنا جنة
السياحة الداخلية في ظل الوضع الراهن هي الفرصة الوحيدة حاليا للتعويض لو جزء قليل عن السياحة الوافدة،لكن ما قامت به الحكومة هو مجرد حصوله على منحة من اليابان لتفعيل برنامج السياحة الداخلي كمحاولة لتعويض الخسارة، عن طرق برنامج أردنا جنة وأردنا بخير كما أسلفا سابقا، لكن كانت نسبة التعويض فقط 3% من حجم الخسارة.( وزارة السياحة2020).
بعض الإحصاءات حول البرنامج حتى تاريخ 1/8/2020
١٣٧٣١ مشارك في برنامج أردننا جنة السياحي، خلال أول أسبوعين فقط..
٤٩٤ حافلة سياحية أقلت المشاركين في البرنامج من نقاط الانطلاق المنتشرة بمختلف المحافظات..
٨ آلاف شخص شاركوا في البرنامج، من خلال التسجيل عبر التطبيق الإلكتروني الخاص بالبرنامج..
بالإضافة إلى ٣60 دليل سياحي شاركوا بالبرنامج .