بعد التضخم المنخفض في سنوات سابقة والسالب لهذه السنة نتيجة للانكماش والركود الاقتصادي، سيحتاج الاقتصاد إلى تضخم إيجابي مع بداية السنة القادمة وفيه منافع كثيرة.
التضخم للأشهر التسعة الأولى من العام الحالي بلغ 0.48%.، ومن المتوقع أن يختتم السنة حول معدل صفر مقابل انكماش 3%، متوقعاً ليعاود النمو ارتفاعه حسب توقعات موازنة العام 2021 بنسبة 2.5%، ويرتفع معه التضخم بنسبة 1.3%، ليكون النمو الاسمي 3.8%.
هذا الاتجاه للتضخم لن يكون كافيا لأغراض توازن المؤشرات السابقة وما يناسب الاقتصاد هو أن يكون معدل التضخم حول 5%.
في الظروف الطبيعية يعتبر التضخم ظاهرة سلبية، تقاومها الحكومة بوسائل بعضها مصطنع مثل تحديد الأسعار وعدم فرض أو زيادة ضرائب جديدة لكن الأهم هي الأدوات التي يستعملها البنك المركزي مثل أسعار الفائدة وتقييد السيولة في السوق.
والحالة هذه فإن التضخم المرتفع نسبياً أمر مرغوب فيه، الاقتصاد الأردني والمالية العامة بحاجة ماسة إليه، ليس فقط لكبح الانكماش بل لجعل أهداف تحقيق النمو المنشود عملية مريحة وهو له فوائد اقتصادية ومالية عديدة منها تحقيق نمو مرتفع للناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية وتحسين نسبة المديونية من الناتج المحلي الإجمالي وإدارة مرنة للدين العام وزيادة الإيرادات المحلية ما يجعل تحقيق أهداف الموازنة واقعية وخفض كلفة الإنتاج بما يسمح برفع الأسعار دون زيادة دخل وخدمات ومن ذلك الالتزام بعدم إضافة أو رفع ضرائب ورسوم.
ما يهمنا في هذا المجال أن التضخم يكون مرغوبا فيه في حالة الانكماش ويكون مرغوباً فيه أكثر للمساعدة في عكس الانكماش الى نمو.
هناك محاذير يراها البنك المركزي مبررة وهي ارتباط سعر صرف الدينار بالدولار فالتضخم يصبح غير مطلوب إن لم يتوافق معه تضخم مماثل في بلد الدولار وهي مشكلة لا يجب أن تقيد جدوى الحلول المحلية والاقتصاد يواجهها بهامش سعر الفائدة وعبر أدوات منها الرسوم والضرائب على سلع ليست أساسية.
البنك المركزي الذي اعتاد على أن يقود سياسة نقدية متشددة واجه الأزمة بضخ سيولة ملائمة في السوق ومع أنها لم تسهم في إحداث تغيير جوهري في معدلات التضخم لكنها ساعدت بلا شك الى جانب السياسة المالية في تخفيض حدة الانكماش وقد فهمنا من المراجعة الأخيرة لصندوق النقد الدولي أنه نصح بوقف ضخ مزيد من السيولة لكن ماذا عن حفز النمو الاقتصادي وهو يتطلب قدراً إضافياً من السيولة فإن لم يكن ذلك ممكناً فلا بأس أن يكون التضخم من الأدوات البديلة.
الرأي