الحياة قصيرة، ولا تقودك لاكمال حلم. ايام معدودة تفصلنا عن عام جديد. رمشة عين، ونحتفل براس السنة الميلادية. وكم هو عجيب هذا الزمن !
في زمن كورونا لا تعرف من اين تاتي الاخبار الموحشة والسيئة تتصدر يوميات حياتنا، وفيات وموتى ومصابي كورونا وغيرها، وفقر وعوز وفاقة، وصراخ والم اجتماعي وانساني غير مسبوق.
حتى الايام اصبحت متشابهة، كل يوم يشبه الثاني، ياتي اليوم والاسبوع والشهر ويسدل بعتمة وكوابيس اسراره، ويمر ثقيلا ومهلكا، ولا ترى من الزمن فوح النور، واشراقة دورانه، وكأن الكرة الارضية واقفة ومتعطلة عن الدوران، الصيف اخو الشتاء والربيع اخو الخريف.
تقلب المذكرة وتفتح الموبايل كلما سالت ما هو اليوم، وما هذا الشهر وفي اي عام نحن؟ تستفيق منزعجا كلما سالت عن الزمن. وحتى الاحلام الجميلة واللطيفة تحولت لكوابيس، تتقطع دون ان تشعر وتحسب بها.
تغادر مهاجع الاحلام، وتتركها وتهرب وحيدا. أ هو شعور بالخوف والقلق والاضطراب؟ اسئلة كبرى بلا اجوبة، وحقائق كثيرة العقل والمعرفة قاصران عن تدوين اجابة عنها.
في زمن كورونا النوم متعب ومرهق. والنوم نزع عنه دسمه الجميل الاحلام والاخبار الجميلة والسارة التي تزفها الوسائد الدافئة والحنونة. تنام، وكانك لن تصحو بعد.
اسئلة كثرة معلقة، واسئلة متعبة، واسئلة بلا اجابات. اسئلة تفكك مركزيات ومرجعيات كونية وعقائدية، وتنزع الشرعية عن مالوف المعتقد والفكر والثقافة.
الصحو من كورونا لن يسقط من السماء. والعقل البشري يواجه مغامرة وتحديا وحربا مع مسافات الوباء الطويلة، فمتى سنخلص من الوباء؟ ومتى نستفيق على خبر نهاية كورونا؟ ومتى نعود نشعر بالحب؟ ومتى يعود صوت الطبيعة ليصبح انثويا؟
كل ما اتذكر اول يوم لكورونا، وانا جالس وحيدا في الحظر الشامل الطويل توقد في ذاكرتي خيالات مرعبة ومخيفة. الحياة في كورونا بلا معنى. والانسان اجبن واتفه من الاصابة بداء الغرور والفوقية، وداء الشوفانية. تعيش، وكانك ميت، حياة بيولوجية صرفة تاكل وتشرب وتنام، وتتحول لعبء على الطبيعة والانسانية.
و اتذكر تلك الايام وادعو الله بان تعود، وان تغلق كل ابواب كورونا، وتتعافى الكرة الارضية والبشرية، وتشفى ضمائر وقلوب واجساد الناس من كل العلل والامراض والاوجاع.. وقولوا من ورائي.. امين.
الدستور