عناصر القوة في تقرير موديز
محمد عاكف الزعبي
02-12-2020 02:25 PM
ثبتت وكالة التصنيف الائتماني موديز تصنيف المملكة عند B1 مع نظرة مستقبلية مستقرة. تثبيت التصنيف في مثل هذه الظروف يعد انجازا. وهو انجاز لم يأت من فراغ. ولكنه يعكس عددا من العوامل والمؤشرات الايجابية التي نسيناها او كدنا ننساها وسط زحام المؤشرات السلبية.
تقرير موديز تناول عددا كبيرا من المؤشرات الاقتصادية تضمنت معدلات النمو الاقتصادي والبطالة، ومؤشرات الحوكمة والمؤسسية ومؤشرات المالية العامة وعلى رأسها العجز والمديونية فضلا عن مؤشرات الحسابات الخارجية مثل ميزان المدفوعات والحساب الجاري والاستثمار الاجنبي المباشر والاحتياطيات الاجنبية.
وخلص التقرير بعد دراسة هذه المتغيرات الى تثبيت التصنيف الائتماني للمملكة والذي يعكس الملاءة المالية للحكومة؛ اي قدرتها على اداء التزاماتها المالية وسداد ديونها عند استحقاقها.
التثبيت جاء رغم الظرف الاقتصادي الصعب ورغم تراجع عدد من المؤشرات الاقتصادية وفي مقدمتها مؤشرات الدين العام الذي توقع التقرير ان يصل الى ١١٣٪ من الناتج المحلي الاجمالي في نهاية العام ٢٠٢٢.
مجموعة من العوامل التي يصح تسميتها بعناصر القوة وقفت وراء قرار موديز بالابقاء على التصنيف الائتماني كما هو.
يمكن اجمال تلك العوامل بما يلي.
اولا: ترتيب الاردن المتقدم على سلم مؤشر الحوكمة العالمي بالمقارنة مع دول الاقليم والدول ذات التصنيف الائتماني المشابه للاردن، والمنحى الايجابي الذي سلكه كل من المؤشرين الفرعيين "محاربة الفساد" و "فعالية الجهاز الحكومي" منذ العام ٢٠١٣.
ثانيا: السجل الائتماني النظيف للمملكة ونجاحها بتحقيق اهداف برامج الاصلاح المالي والاقتصادي التي قامت بتنفيذها تحت اشراف صندوق النقد الدولي. والتزام الاردن بالنهج الاصلاحي وتوقيعه برنامجا جديدا مع الصندوق لمدة ٤ سنوات. ومن المتوقع ان تعزز الاتفاقية الجديدة من ثقة المانحين في الاقتصاد الاردني مما سيساعد الحكومة في الحصول على القروض والمساعدات الخارجية.
ثالثا: ملكية صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي لنحو ٢٠٪ من المديونية الحكومية، الامر الذي يخفف من مخاطر اعادة التمويل الناشئة عن قصر معدل عمر الدين الحكومي المحلي والبالغ ٤ سنوات فقط.
رابعا: انخفاض نسبة عبء الدين العام (debt affordability) بالمقارنة مع الدول ذات التصنيف الائتماني ونسب الدين المقاربة للاردن وذلك نتيجة مزيج الدين العام الذي يضم قروضا ميسرة وقروض يوروبوند بكفالات اجنبية.
خامسا: متانة وسلامة الجهاز المصرفي الذي يتمتع بنسب راسمال قوية ومنسوب مرتفع من السيولة يمكن البنوك من مواجهة الظروف الاقتصادية الضاغطة.
سادسا: فعالية البنك المركزي في استخدام ادواته النقدية للسيطرة على التضخم والحفاظ على استقرار القطاع المصرفي والقطاع المالي بشكل عام.
سابعا: قوة سعر صرف الدينار وموثوقية ارتباطه بالدولار بفضل الرصيد الكبير من الاحتياطيات الاجنبية التي تغطي حوالي ثمانية اشهر من مستوردات المملكة من السلع والخدمات.
المشهد الاقتصادي صعب وجائحة كورونا زادته صعوبة. لكن لاقتصادنا وبشهادة المؤسسات الدولية نقاط قوة يجب ترسيخها والبناء عليها. يشار الى ان قرار موديز تزامن مع قرار زميلتها فيتش بتثبيت التصنيف الائتماني للمملكة.