هل هذه هي الثقافة العامّة للتوجيهي يا وزير التربية؟!
جميل النمري
07-01-2007 02:00 AM
اليوم يتوجه طلبة التوجيهي الى إمتحان الثقافة العامّة ، و قد اطلّعت على الكتاب المقرر ، و اذا لم يكن وزير التربية و التعليم قد اطّلع عليه بعد! . . فأني أدعوه لقرائته لكي يقرر فورا و بلا تأخير حذفه من المقررات.
لم أكن سأكتشف هذه التحفة من الثقافة العامّة لولا أن ابنتي تقدم التوجيهي هذا العام و دفعني الفضول لمراجعة الكتاب و كنت قد سمعت بصورة عارضة تنويها سلبيا عنه لكن ما قرأته فاق أسوأ التوقعات ، و أنا لست مستعدا أبدا أن تكون ابنتي ملزمة بحفظ هذا الهراء الذي لا يمكن من جهة قبول تلقينه كثقافة لأبنائنا ناهيك عن الزامهم بصرف الوقت و الجهد لحفظه لتحصيل علامة مناسبة تقاسم بقية المواد الجادّة معدّل التوجيهي .
ليست المشكلة في المضمون السقيم فحسب بل ايضا أسلوب العرض و الصياغة الركيكة و الفاشلة التي تضاعف معاناة الطالب في حفظ مادّة غير مقنعة و ساذجة.
قد أعود في مقال موسع داخل صفحات الجريدة لإستعراض هذه " الثقافة العامّة " البائسة و دلالات وجودها حتّى الساعة في مقررات طلاّبنا ، و لو اتسع المجال لعرضت هنا فقرات كاملة أنا على يقين أن استاذ المادّة يستحي أمام طلاّبه و هو يقدمها لتدنّي مستواها أو انحرافها عن كل منطق و حس سليم ، فهي أحيانا جهالة كاملة أو ضيق أفق و محدودية أو لغو و افتعال معرفة.
حتى المواد ذات الصلة بالعلم مثل الصحّة العامّة تقدم عرضا تافها و فقيرا و مفتقرا للمنهجية و الصياغات الملائمة، مع أن وسائل الإعلام و كتب و مجلاّت الصحّة العامّة في العالم تطفح بالعروض الشيقة و المفيدة للعموم و أي منها يعطي ثقافة صحّية حقيقية أفضل من الفصل السقيم في الكتاب و الذي يتوجب على الطلبة حفظه عن ظهر قلب !!
الفصل الأول من الكتاب مخصص للمعرفة ، وبدل تقديم نظرية في المعرفة تلخص ما وصل له العلماء و المفكرون من شتّى المدارس على هذا الصعيد ، نجد نصّا مكتوبا من وجهة نظر دينية مغرقة جدا في السلفية ، و يبدو كأجتهاد شخصي للغاية يذهلني كيف أجيز للتدريس لعموم الطلبة. و عند نقطة معينة يستشهد النصّ بعبارة " أن عقل الكافر هو نصف عقل المؤمن" و يبدأ يشرح لماذا ؟! و هكذا على الطالب أن يتثقف بأن عقل جدته الأمّية هو ضعف عقل آينشتاين أعظم علماء القرن العشرين لأن جدته العجوز الطيبة مؤمنة و صاحب النظرية النسبية كافر. ليس لنا اعتراض على وجود وجهات نظر من هذا النوع ، لكنها "وجهات نظر" فقط و ليس مادّة تعتمد و تلقن للأولاد كحقائق و معارف لعصرنا!!
الثقافة العامّة للتوجيهي تستحق شيئا أجمل و أفضل من هذه الكتاب المهين للعقل و الثقافة؟! و قد يكون الوقت تأخر بالنسبة لسنة التوجيهي هذا العام فنحن في نصف الفصل و قد ذهب الطلبة للإمتحان اليوم لكنني أتوقع أن لا يكون هذا الكتاب مدرجا ابدا للسنة القادمة ، ونتوقع من وزير التربية ان يشرف شخصيا على مشروع مختلف جذريا للثقافة العامّة و إلاّ فليترك للطلبة مهمّة " تثقيف" أنفسهم فهم إجمالاعلى درجة من الوعي و المعرفة افضل الف مرّة مما يفترضه الكتاب المذكور.