عكس دول الجوار يعتبر السائح الاردني زبونا "مهما" لدى المنشآت السياحية الخارجية. من المعروف ان الاردنيين الذين يسافرون للبنان مثلا هم الاكثر بين الجنسيات الاجنبية لدرجة ان الملكية باتت تُسَيّر اربع رحلات يومية الى بيروت.
صحيح ان السفر للخارج مكلف بالنسبة للاردنيين لكن اذا ما تمت مقارنته بتكلفة الخدمات السياحية الداخلية تعتبر مرتفعة جدا, مما يجعل الاردنيين يفضلون السفر للخارج لقضاء اجازاتهم.
قبل عام تقريبا اظهرت مجلة »الايكونومست« الشهيرة تقريرها عن واقع المدن في العالم من حيث اسعارها واجورها, واحتلت العاصمة عمان الاعلى, وهو أمر لا يختلف عليه اثنان, اذا ما قورنت بباقي المدن العربية وهذا يفسر تنامي السياحة لتلك المدن عكس عمان التي لا زال هيكل زوارها ثابتا منذ سنين.
عزوف الاردنيين عن الانخراط في برامج سياحية داخلية يعود لجملة من الاسباب ادت الى نشاط سياحي داخلي ضعيف.
من المعلوم ان أجور الاقامة لليلة واحدة في المنشآت السياحية الخدمية في المملكة »المتمثلة اساسا بالفنادق« تعتبر عالية جدا, تكاد تعادل اربعة ايام في شرم الشيخ في فندق خمس نجوم.
الكل يعلم محدودية السياحة البحرية في الاردن, حيث الشواطئ محدودة في المملكة »العقبة والبحر الميت« مقام عليها فنادق ومنشآت سياحية وغير متاح من مساحاتها الى المواطن سوى القليل, والدخول الى تلك المنشآت مُكلف للغاية بالنسبة لعائلة اردنية, ولغاية الآن لم تقدم المنشآت الفندقية الاردنية الحسم التشجيعي للسياحة الداخلية كباقي دول العالم.
ولا يقتصر الامر على ارتفاع اجور وتكاليف الخدمات في المرافق السياحية التي يديرها القطاع الخاص اليوم الذي يولي فقط اهمية للسياح من الخارج فقط, انما يتعداه ليطال اسعار الخدمات والسلع واجور النقل وكلها امور تُحد من إقبال الاردنيين على السياحة الداخلية ناهيك عن محدودية الخارطة السياحية الداخلية بالنسبة للعائلات الاردنية , وهو امر يدفع الاردنيين للتفكير في التوجه الى اماكن سياحية اقل تكلفة وبجودة عالية, وهذا ما يفسر سفر الاردنيين الكثيف الى سورية حيث الاماكن السياحية المتعددة والتكاليف المتدنية في ارقى الاماكن, لا بل ان الكثير من العائلات الاردنية بات مقصده دمشق للتبضع والسياحة مع عطلة نهاية الاسبوع, والكل يؤكد ان تكلفتها اقل بكثير مما لو ارادت تلك العائلات الذهاب الى البحر الميت الذي يحتاج الوصول اليه 25 دقيقة من العاصمة.
لا يمكن ان تنهض السياحة في المملكة من دون ان تكون هناك سياحة داخلية تساهم في تعزيز النشاط الاقتصادي وتدعم ميزان المدفوعات بالحد من التوجه للسياحة الخارجية, وهذا لا يتم الا بتغيير في عقلية ادارة القطاع الخاص السياحي وتعزيز الشراكة مع القطاع العام بشكل فاعل يخدم عملية التنمية المستدامة التي تعود على المواطنين بالنفع العام.0
العرب اليوم
salamah.darawi@gmail.com