مثل النار في الغابات انتشرت الأنواع الجديدة من السجائر، نوع يقوم على تدخين زيوت النيكوتين الصافي، ونوع يقوم على تسخين التبغ بدون احتراق (وهو السائد حاليا)، ونوع يقوم على امتصاص نكهة النيكوتين المخفف، وأنواع أخرى لست ضليعا بها، ولم أجرب أيا من هاته الأنواع حتى ساعة اعداد هذا البيان.
قبل ثلاثة عقود تقريبا حفظت أبياتا من الشعر لأحد شعراء عائلة معلوف تقول:
نحن في علبة الحياة سجائر بين بخس من الصنوف وفاخر
دخنتنا دقائق وثـــــــــــــوان ممعنات في غيّها لا تحاذر
فدخان الى السماء تعالى ورماد في أرضها متناثر
ها نحن الان نتعايش مع مفهوم جديد للتدخين حيث تقوم الأجهزة الجديدة على إيصال كمية النيكوتين المطلوبة من السيجارة الى جوف المدخن بلا نار ولا دخان ولا احتراق أوراق وفلاتر ونكهات .... فلا تضايق الاخرين كثيرا برائحتك ولا تجبرهم على استنشاق مخلفاتك ولا تحرق اصابعك ولا قمصانك، ولا تهرب الحبيبة من رائحة فمك.
أين نذهبب بالقصائد الدخانية التي اقترفها نزار قباني وأنشدها المغنون حتى صارت جزءا من تراثنا ونسيجنا الروحي ولا سيما تلك التي مطلعها:
واصل تدخينك يغريني
رجل في لحظة تدخين
هي نقطة ضعفي كامرأة
فاستثمر ضعفي وجنوني
أشعل واحدة من اخرى
اشعلها من جمر عيوني
أين نذهب بصور الشعراء والمفكرين العرب الذين لا يحلو لهم التصوير الا وهم يمصعون السجائر مثل ممثلي الاغراء في هوليود.
ما هذا العصر الذي نعيش؟
سجائر بدون دخان!
لحم بدون كوليسترول!
خمر بدون كحول!
كتب بدون مضمون!
سيارات بدون سائق!
انه عصر البدون.
الدستور
الرد على تعليق