جاءت عملية إغتيال العالم النووي الايراني حسن زاده بتاريخ 28 تشرين الثاني 2020 على ما يبدو من قبل إسرائيل وجهازها الاستخباري ( الموساد ), و ربما بالتعاون مع جهاز الاستخبارات الأمريكية ( CIA ) , و الله أعلم . و رغم سخونتها و اهميتها , وهي التي ادانها الاردن عبر وزارة الخارجية وشؤون المغتربين ( وكالة علان للأنباء 29تشرين الثاني 2020 ) , في الوقت الضائع الذي يستعد فيه الرئيس الأمريكي الجديد المنتخب عن الحزب الديمقراطي جو بايدن لتولي سلطاته الدستورية في البيت الابيض بواشنطن في 20 يناير 2021 . و إسرائيل بالمناسبة , وهذه عقيدتها , لاتنام مادامت تشكك بنوايا إيران العميقة بالشروع ببناء نظام نووي عسكري سري , في زمن تعرف فيه إيران برديكاليتها , و معاداتها لكل من إسرائيل و أمريكا , و تعتبرهما معا ( الشيطان الاكبر ) . و التفكير الاستراتيجي الامني الأسرائيلي يرتكز على إغتيال قادة المشاريع التحريرية الموجهة ضد وجودها لتتمكن من الانقضاض على المشاريع ذاتها , ولها تجربة غنية مع إيران , ومع الفلسطينيين , و التاريخ المعاصر شاهد عيان . و شخصيا لا فرق عندي بين إسرائيل الاحتلالية التوسعية وسط العرب , وهلالها السلمي المرفوض وسطهم ايضا إن لم يقترن بعودتها لحدود الرابع من حزيران لعام 1967 . و بين إيران التوسعية عبر هلالها المرفوض وسط العرب ايضا , ومن ضمنها إحتلالها لجزر عربية , و رغم دعمها لحركات التحرر العربية . وما يهمني هو أن يتجه العرب صوب وحدتهم التي ناداهم اليها ملك العرب و شريفهم الحسين بن علي طيب الله ثراه.
رسالة جلالة الملك عبد الله الثاني إبن الحسين " حفظه الله " لرئيس لجنة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني شيخ نيناغ بتاريخ 2811 2020 , بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق الذي يصادف التاسع و العشرين من شهر تشرين الثاني من كل عام غاية في الأهمية , و ركزت على إحياء عملية السلام , و الذهاب الى مفاوضات مباشرة و جادة لتحقيق السلام على اساس حل الدولتين , ووفق القانون الدولي , و قرارات الشرعية الدولية , و مبادرة السلام العربية . ووقف الخطوات الأسرائيلية احادية الجانب مثل الاستيطان , و محاولات ضم أية اراضي فلسطينية . و فرض واقع جديد في المسجد الاقصى المبارك الحرم القدسي الشريف . و سلطت الرسالة الملكية الضوء على أن عملية السلام تقف أمام خيارين , فإما السلام العادل الذي يفضي إلى إنهاء الأحتلال , و إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 , وعاصمتها القدس الشرقية , وفق حل الدولتين , أو إستمرار الصراع الذي تعمقه الانتهاكات المتواصلة لحقوق الشعب الفلسطيني ,و الخطوات غير الشرعية التي تقوض كل فرص تحقيق السلام . و شدد جلالته على أن القدس الشريف و مقدساتها محور إهتمامه , و بأن الوصاية الهاشمية ستبقى واجبا و مسؤولية تاريخية يعتز بحملها منذ أكثر من مائة عام .
وهنا ادعو المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الامن , و بالأمم المتحدة , وخاصة أمريكا و إسرائيل الاصغاء لنداء جلالة الملك عبد الله الثاني عبر رسالته الملكية الخاصة بالقضية الفلسطينية ألعادلة , في زمن لا حلول جذرية ممكنة فيه عبر التمسك بالخيار الإسرائيلي الاحتلالي فقط , بينما هو الخيار العربي يدعو للتخلص من الأحتلال و الأستيطان غير الشرعي , و ينادي بإنصاف اهل فلسطين و العرب وتاريخهم الكنعاني العريق .
لايستطيع الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن تحقيق نجاح في القضية الفلسطينية مالم يعمل و بالتعاون مع روسيا , و الصين , و إنجلترا , و فرنسا على ترحيل ملفها الى داخل مجلس الأمن . و لاحلول ناجعة متوقعة لمستقبلها و مصيرها من دون التعامل معها بعدالة و إنصاف , بعيدا عن التحيز الاعمى لإسرائيل . و صفحة جديدة لأمريكا نريدها مع روسيا الأتحادية عبر إقامة علاقات إستراتيجية دافئة معها . و حتى شخصية مع قيادتها , ومع الرئيس فلاديمير بوتين بعيدا عن حسابات الحرب الباردة , و سباق التسلح . ولا يصح إلا الصحيح , و لا منتصر في دنيانا إلا الإنسان , و البشرية . و روسيا معروفة بتمسكها الشديد بالقانون الدولي , و بإحترامها لمجلس الأمن , و المحكمة الدولية . وسبق للرئيس الأمريكي جورج بوش الابن أن زار روسيا في عهد الرئيس دميتري ميدفيديف عام 2008 , ولقاء تم في مدينة سوتشي على البحر الأسود . وزارها الرئيس بيل كلينتون , ولقاء له في موسكو مع الرئيس بوتين عام 2000 . وتمكن كارتكر بيج مستشار الرئيس دونالد ترمب من زيارة موسكو عام 2016 . لكن الرئيس ترمب نفسة الذي عمل في موسكو بصفة رجل اعمال لم يزر موسكو عندما اصبح رئيسا لأمريكا للاعوام 2016 و 2020 , وفي ظل اجواء اتهمت فيها موسكو بالعبث في إنتخاباته الرئاسية , وهو الامر الذي لم تستيطيع امريكا إثباته حتى الساعة . و انطلقت موسكو إبان حقبته الرئاسية على مد يد العون الطبي لأمريكا لمكافحة جائحة كورونا , و استقبلت عونا طبيا مثله لنفس الغرض من واشنطن , و تجاوزت معها موضوع العقوبات الاقتصادية , و فعلت الشيء نفسه مع إيطاليا بالمناسبة , و في غير مكان . و حجم التبادل التجاري بين روسيا و أمريكا بلغ (22,665 ) مليار دولار عام 2019 ,الواجب أن يزداد طرديا لمصلحة البلدين - ( القطبين العملاقين ) . و الأمر ذاته بالنسبة لعلاقة التبادل التجاري بين امريكا و الصين التي وصلت إلى (648,2) مليارعام دولار 2019 . وحرب باردة بينهما مع ظهور جائحة كورونا هذا العام 2020 , و تبادل إتهامات حول إمكانية تصنيعه . وعلاقة امريكا مع إيران ان لها أن تتغيير خاصة بعد إعلان وزير خارجيتها الجديد انتوني بلينكين إعتراف بلاده بإتفاقية إيران النووية الدولية ( 5+1 ) .
ومن المهم لفت انتباه دول العالم الكبرى الان في زمن السلام العربي مع إسرائيل و بالعكس إلى أن احتمال اندلاع حرب عربية - إسرائيلية تراجع كثيرا , ولم يعد في حسابات العرب كما اعتقد في المدى القريب , و المتوسط , و البعيد . و بناء عليه لاجدوى أن تبقى إسرائيل تمتلك تراسانة نووية منذ تأسيسها . كتب بنيامين نتنياهو في كتابه ( مكان تحت الشمس ) ص 321 " لو أن حرب 1948 إندلعت من خطوط عام 1967 , وتقدم العرب , فمن المحتمل أن لاتكون إسرائيل موجودة الان . وتعليقي هنا هو أن حروب العرب مع إسرائيل عامي 1967 و 1973 تحديدا كانت تقليدية , و الحروب الدفاعية كذلك ( 1948 , و 1956, و 1968 ) , ولم يمتك العرب يوما السلاح النووي , وهو ممنوع دوليا عليهم , و كذلك على إيران . كتب سكوت ريتر كبير مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة في العراق في الفترة الواقعة بين عامي 1991و 1998 في كتابه ( إستهداف إيران ) ص 33 " لكي تفهم الموقف الإسرائيلي الحالي من إيران ربما يكون متحف ياد فاشيم - وهو المتحف الرئيسي في إسرائيل الذي يروي قصة الإبادة الجماعية - المكان ألامثل لكي تبدأ منه " . و حقيقة إسرائيلية تستحق التوقف عندها جاء بها إدوارد سعيد في كتابه ( أسرار مكشوفة – سياسات إسرائيل النووية و الخارجية ) ص 13 " فالخطط الإسرائيلية بعيدة المدى يقررها جنرالات الجيش , وكبار رجال الإستخبارات , وكبار المسؤولين . و نادرا ما ترسم الحكومة و رئيس الوزراء سياسة الدولة " . وهو ألامر الذي يدعونا من جديد لتحليل خطوات إسرائيل و حروبها المباشرة ,و الاستخبارية في منطقتنا العربية , و في محيطها الاقليمي الواسع .