دراسة يابانية تثبت أن الصبر أكثر من مجرد فضيلة
29-11-2020 09:45 PM
عمون - توصلت دراسة علمية إلى أن التحلي بالصبر ودرجاته المختلفة يتحدد من خلال مستويات هرمون السيروتونين، والتي تكشف ما إذا كان الشخص بإمكانه توقع مكافأة بهدوء أو يتوق للإشباع الفوري.
ونقلًا عن دورية Science Advances نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن باحثين يابانيين توصلوا إلى أن التحفيز الاصطناعي لإفراز الهرمون في الفئران جعل القوارض أكثر صبرًا عند انتظار الطعام في التجارب المعملية.
كما اكتشف الباحثون أن منطقتين مختلفتين من الدماغ مسؤولتان عن التقييم المنفصل لفوائد الانتظار للحصول على مكافأة أو نتائج مجزية.
وتساعد النتائج في تحسين تطوير مضادات الاكتئاب، التي تقوم بتعديل مستويات إفراز هرمون السيروتونين لدى البشر، من خلال استهداف مناطق معينة من الدماغ.
تجارب "كزة الأنف"
أجرى عالم الأعصاب كاتسوهيكو ميازاكي من معهد أوكيناوا للعلوم والتكنولوجيا في جامعة الدراسات العليا وزملاؤه تجاربهم على فئران من فصيلة خاصة بها خلايا عصبية حساسة للضوء تطلق السيروتونين عند تحفيزها.
وفي دراسة سابقة، قام الباحثون بتدريب الفئران على أداء مهمة انتظار تسمى "كزة الأنف''، حيث يتم الإمساك بأنف فأر التجارب وتدس إلى داخل حفرة حتى يتم توصيل حبيبات الطعام إلى الفم.
وفي ثلاثة أرباع الاختبارات، تمت مكافأة الفئران على هذا الإجراء، ولكن لم يتم تقديم أي طعام في الباقي.
دور محوري للسيروتونين
ووجد فريق الباحثين أن إطلاق مادة السيروتونين في منطقة دماغية تسمى نواة الرفاء الظهري تزيد من مقدار الوقت، الذي تسعد فيه الفئران بانتظار الطعام عندما يكون احتمال تلقي المكافأة مرتفعًا ولكن خلال فترة زمنية غير محددة أو مؤكدة.
وتعد نواة الرفاء الظهري، المحور المركزي في العقل للخلايا العصبية التي تطلق هرمون السيروتونين وتحتوي على خلايا عصبية تصل إلى مناطق أخرى من الدماغ.
وأوضح دكتور ميازاكي أن "السيروتونين هو أحد أشهر المعدلات العصبية للسلوك، حيث يساعد على تنظيم الحالة المزاجية ودورات النوم والاستيقاظ والشهية".
يُظهر البحث أن إطلاق هذا الناقل الكيميائي يلعب أيضًا دورًا مهمًا في تعزيز الصبر من خلال زيادة فترات انتظار الفئران وترقبها للحصول على مكافأة حبيبات الطعام.
مسببات السلوك الاندفاعي
استكشف الفريق البحثي أيضًا تأثير إطلاق السيروتونين في مناطق مختلفة من أدمغة الفئران، مع التركيز بشكل خاص على مناطق الدماغ المعروفة بأنها تؤدي إلى زيادة السلوك الاندفاعي عند تلفها، بما يشمل جزأين هما: الفص الجبهي الذي يسمى القشرة الجبهية الحجاجية والقشرة الجبهية الإنسية.
وذكرت نتائج البحث أن إطلاق السيروتونين في القشرة الأمامية الحجاجية كان فعالًا في تعزيز الصبر مثل إطلاقه في نواة الرفاء الظهري.
ولكن فيما يتعلق بقشرة الفص الجبهي الإنسي، لوحظ أنه يحدث زيادة في الصبر مع مزيد من السيروتونين فقط عندما كان توقيت المكافأة متنوعًا، أي لم تحدث استجابة خلال تجارب الوقت المحدد، التي تم فيها تدريب الفئران على توقع الحصول على الطعام بعد وقت معين.
وقال دكتور ميازاكي: إن "الاختلافات التي تظهر في كيفية استجابة كل منطقة من الدماغ للسيروتونين تشير إلى أن كل منطقة من الدماغ تساهم في سلوك الانتظار العام للفئران بطرق منفصلة".
تطوير مضادات الاكتئاب
وشرح دكتور ميازاكي أن النتائج تدلل على أن هاتين المنطقتين من الدماغ تحسبان احتمال المكافأة بشكل مستقل عن بعضهما بعضا، وأن هذه الحسابات المستقلة يتم دمجها بعد ذلك لتحديد المدة التي ستنتظرها الفئران في النهاية،" مشيرًا إلى أن "هذا النوع من النظام التكميلي يسمح للحيوانات بالتصرف بشكل أكثر مرونة في البيئات المتغيرة".
ويمكن أن يساعد فهم كيفية تأثر مناطق مختلفة من الدماغ بالسيروتونين في تحسين تطوير ما يسمى بمثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية SSRI، وهو شكل شائع الاستخدام من الأدوية المضادة للاكتئاب.
وقال دكتور ميازاكي إن "هذا مجال نحرص على استكشافه في المستقبل، باستخدام نماذج الاكتئاب من الفئران. إذ ربما نجد، في ظل ظروف جينية أو بيئية معينة، أن بعض مناطق الدماغ المحددة هذه قد غيرت وظائفها. ومن خلال تحديد هذه المناطق، يمكن أن تفتح النتائج التي سيتم التوصل إليها طرقًا لتوفير علاجات أكثر استهدافًا تعمل على مناطق معينة من الدماغ، بدلاً من الدماغ بأكمله".