مسار اردن اخضر .. الغابة الإسكندنافية
عبدالرحيم العرجان
28-11-2020 04:14 PM
غابة جسدت أواصر العلاقة الملكية الأردنية مع ممالك الدول الإسكندنافية الصديقة، ضمن مشروع "الطموح لأردن أخضر" تتربع اطلالاتها على جبل مشرف على عمان، جرش، البلقاء حتى جبال عجلون ونهر الاردن وغدت قبلة للمتنزهين وعشاق مسير الاستجمام، بين أحضان الطبيعة المفتوحة بعيداً عن ضوضاء المدينة وصخبها.
بضع دقائق تبعد الغابة الصنوبرية للغرب من شارع الأردن، بمساحة خمسة آلاف دونم، وبمناسبة زيارة ملك السويد كارل غوستاف الأردن، فقد أهداها جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه لتكون غابة تحمل اسم الدول الإسكندنافية عام 1989م؛ وقد زرعا معاً أول أشجارها العريقة، ولا بد من ذكر اهتمام ورعاية جمعية الصداقة الأردنية الإسكندنافية التي تحرص دائماً على متابعتها وتنظيم حملات لزراعة أشجار حرجية بشكل سنوي وحملات نظافة أيضاً، حيث كانت المدارس والجامعات تحرص كل الحرص على هذا التقليد وكنا ممن زرع فيها ثلاث مرات بيوم الشجرة، لتكبر أشجارنا وتصبح علامة لنا هناك دون اسم أو رمز، فالغابة كلها لنا يستمتع بجمالها المارون ويتنفس هوائها من زرع ومن عبر ومن سكن بعيد عنها.
بدأ المسار بعد وجبة إفطار خفيفة -مناقيش زعتر بلديّ- أعدّها الرحالة ماجد الداود، احتفاءً بمواسم الزيت الذي جلبه من معاصر عجلون، وبعد اختيارنا مطل مشرف لجهة الجنوب نحو بلدة أم انجاصة ورميمين حيث ترى من بعيد مأذنة الجامع التي تجاورها جرسية الكنيسة حتى مشارف علان وزي، كان يومنا قد بدأ ضمن مسار معروف مشيناه على درب دكته أقدام عشاق الطبيعة والاستجمام، لنصل للنقطة الأولى "معسكر الحسين للشباب" الذي كان لنا فيه ذكرى لا تنسى؛ ففي عام 2001 شاركنا في معسكر الشباب الأردني الخليجي الأول وأقمنا فيه ثلاثة أسابيع، ومن ضمن مهام المشاركين زراعة أشجار وبناء مصاطب لجلوس المتنزهين وتمهيد ممرات بإشراف المربي الفاضل د. حسين المحادين والمدرب ياسين جحاوشة والأستاذ يحيى الخوالدة الذي انتقل لرحمة الله تعالى هذا الاسبوع بعد سنين من العطاء، وما بين أشجار حرجية من لزاب، صنوبر وسرو قد زرعها أمراء وسفراء وكبار زوار المملكة وشباب طموحين، أخذنا طريق ترابي مهد ليكون لطوارىء الحريق والاطفاء ويسمى " بدرب النار" لدى رجال الإطفاء وهو إجابة لتساءل الكثير عن سبب هذا الطريق مفتوح بهذا المكان وبماذا تخدم؟
افتتح إلينا الأفق نحو جبال دبين وجرش لهدفنا التالي لغابة الشهيد وصفي التل بسلحوب بعد عبور الوادي الذي يتمركز فيه رعيان الماشية مع العلم أن هناك غابة أخرى بين عمان والسلط تحمل أيضاً اسمه في الكمالية حيث سكن وبنى بيته المتواضع هناك والذي بنى جزء من مراحله الثلاث والدي رحمه الله.
مسار سهل منخفض الصعوبة لا يحتاج لأدوات خاصة، يمكن لأي شخص أن يقوم به مع الحذر من كثرة الكلاب الضالة التي تجول في المكان التي تعيش فيه على كثرة مخلفات المتنزهين وجيف أصحاب الحضائر المتواجدة بكثرة دون رقابة البلديات ومتابعتها، وقد تتفرد بمن يمر وتعقره.
وصلنا قمة غابة الشهيد وهناك كانت استراحتنا التالية بمشهدٍ يطل على البقعة وصويلح وشمالي عمان وسلحوب، وضمنها أُقيم سجن سلحوب الذي تم تحويله لنادي رجال الامن العام الكرام، وبعد تناول الشاي على نار الحطب والحرص على اطفائها توجهنا، لوجهتنا النهائية ببلدة تل الرمان المشرفة على سد الملك طلال من الجهة الجنوبية والتي يقام في مضمارها المعبد سباق تحدي السرعة بتنظيم من نادي السيارات الملكي، كما كان الطريق الترابي في الغابة جزء من مسار سباق السيارات لمرحلة الشرق الأوسط والذي أيضا شاركنا فيه بصفة حكم لعدة سنوات.
أنهينا المسار الذي يمكن تقسيمه إلى أجزاء، بطول إجمالي يبلغ اثنين وعشرين كيلو متر، والتخطيط للعودة ضمن حملة يوم الشجرة لزراعة أشجار تضاف لأردننا الأخضر.