الثابت والمتغير في السياسة الأردنية
د. عدنان سعد الزعبي
28-11-2020 11:00 AM
الموقف الاردني الثابت تجاه اهمية التعاون الدولي والوقوف جميعا في مركب واحد ندافع به عن الانسانية والبشرية ونتشارك جميعا في مواجهة التحديات التي تواجه البشرية وفق اطر المساهمة الفعالة والمبادرة النقية الصادقة والهادفة تحقيق مصلحة الانسان اينما يسكن وحيثما يقيم وفق مفاهيم التقارب الديني والانصهار الحضاري الذي بدى واضحا بتفاعل البشرية بتكنلوجيا الاتصال الرقمي.
فلسفة الاردن القائمة على ان الناس جميعا شركاء في الانسانية والسعي نحو تحقيق العدالة وتذويب كل المعيقات التي تحول دون نشر الامن والسلام، هي همٌ دولي يشترك به الجميع ولا يستطيع احد تحقيقه دون تعاون الاخرين وإلا حدث الظلم، وبالتالي لا يحق لاحد الادعاء بذلك او التفرد به وحده مهما بلغت قوته المالية او العسكرية او البشرية، فالجميع بحاجة للجميع وعلى الشرعية الدولية ومؤسساتها وعواصم صنع القرار الدولية القيام بدورها لضمان هذا الهدف العام.
ولعل جائحة كورونا بينت وبلا شك كم هي الحاجة لهذا التعاون، واحترام الجميع بمشاركته في المواجهة العامة وجهوده لحماية الانسانية بالتنسيق والعمل المشترك من اجل حماية الجنس البشري من مثل هذه الكوارث.
شعوب الدول الكبرى التي تمثلت بمبادئها العدالة والسلام والامن للعالم وجدت نفسها وقد انحرف بوصلتها، واوجدت بتصرفاتها توترا دوليا كانت نتائجه قلقا ومواقف وتهديدات قد تسيء لمستقبل السلم الدولي والامن العالمي الذي قصده العالم وتوجه اليها بمحاربة الارهاب، وحل نقاط التوتر التي كانت جزءا هاما من هذا الارهاب ومسببات وجوده. وما اخفى تحته من نوايا غير سليمة في استعمار الشعوب والهيمنة عليها وتمزيق وحدتها وتشتيت شعوبها وتبدبد ثرواتها.
الناظر لمنطقتنا يجد وبلا اي صعوبة مثال التصارع على المصالح ومخالفة المبادئ والقواعد الدولية في سبيل مناطق الغلق السياسي وصراع تقسيم الدول، والمشكلة ان البعض رغم كل الشواهد لم يدرك ولحد الان اننا وكلاء بالانابة لتصفية بعضنا ونضعف بعضنا لصالح نفوذهم ومصالح العدو الاكبر لهذه الامة اسرائيل واطماع الليكود المتطرف.
الاردن الذي حافظ على موقفه تجاه كل المتغيرات السياسية والتوجهات التي احدثتها ادارات الدول العظمى ومحاولاتها ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واللعب عن طريق الحلفاء او ما سموهم (بالانابة) للتأثير على الاردن في سبيل استسلامه واخضاعة لمواقف مناهضة ومخالفة لثوابته منذ قيامه كدولة هاشمية عام 1921. ادرك اللعبة وتمسك بثابته ورفض اي تغيير.
الثابت في المواقف الاردنية جاء لامور عدة اولها رسوخ الموقف الاردني في اعماق الكيان الاردني بمكوناته الشعبية والسياسية والرسمية وثانيها توافق هذه المواقف بين مكونات هذا الكيان والاتفاق عليها بعقد فريد نابع من الرؤى والتوجهات الفكرية والتاريخية، والثالثة ايمان هذا الكيان الفريد بان تلك المتغيرات الطارئة من شأنها ازعاج المسيرة السليمة لتحقيق الاستقرار العالمي وخاصة في المنطقة لكنها لن تكون دائمة ولن تستمر، لان العالم باسره ضج وانتقد هذه التغيرات واحس بخطورة استمرارها.
الواعي في التعامل السياسي هو الذي يدرك كيف تفكر شعوب العالم وكيف تصنع قيادات العالم وكيف تتغير بين ليلة وضحاها، والرسخ في واقعه السياسي هو الذي لا يجد صعوبة في التعامل مع اي حالة من اقصى اليمين لاقصى الشمال..
تجربة ومحاولات ترام فشلت من بدايتها، واعلانات بايدن باعادة التوجهات الامريكية بما يخدم مصالحها وتقاربها مع العالم بعد ان وصلت مرحلة محرجة منتقدة، وضع اؤلئك الذين امنوا بالمتغير وتركوا الثابت في حالة قلق من تبعات ما سيحصل في بداية العام الجديد.
امريكيا بايدن سيعيد النظر بمسألة ايقاف الاتفاق النووي مع ايران، وسيعيد النظر ايضا بصفقة القرن لايمانه بحل الدولتين، ولا يمكن ان يوفر الحماية لاشخاص كينتنياهو الذي يتهرب من تهم الفساد الموجهة اليه كل يوم. ولن يقبل عن حالة التوتر في الشرق الاوسط سوريا اليمن ليبيا ..الخ خاصة وهو من المخضرمين الذين يقدرون مفهوم الشركاء الاساسيين في المنطقة واصحاب الرؤية الثاقبة والسليمة.
لا اعتقد ان الظروف التي عاشها الاردن في ظروف الحالة المتغيرة ستستمر بل سنجد اعادة الترتيب الذي يحقق للجميع في المنطقة حالة الاستقرار وخاصة بالعلاقات العربية الدافئة، نجح الاردن بثابته ان يحافظ على نفسه ويرسخ الثقة بها، فنحن في الاردن مازلنا وسنبقى على ثابت اللحمة العربية والتعاون والعمل المشترك واحترامنا وتقديرنا للجميع، وعفى الله عما مضى.