موازنة 2021 .. بين (منطق التوجهات) و(مبالغة التوقعات)!
عوني الداوود
28-11-2020 12:06 AM
أما وقد تم الاعلان عن بلاغ الموازنة للعام 2021 فقد أصبحت الصورة أكثر وضوحا - رغم عدم الافصاح عن الارقام بعد لكي تكون الامور أكثر تفصيلا - ولكن الصورة باتت واضحة من حيث اطلاعنا عن توجهات ورؤية الحكومة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني.
بلاغ الموازنة بمجمله - وان تحدّث عن الواقعية في التفاصيل الانشائية الا أن الكلام انقلب رأسا على عقب حين تحدث البلاغ بلغة الارقام، وتحديدا بنسب النمو المتوقعة للعام 2021 وهي 2.5% وتوقع نمو الصادرات بنسبة 6.5% فباتت الموازنة تفاؤلية وبعيدة عن الواقعية.
من هنا نقول بأن بلاغ الحكومة ربما استند الى التفاؤل في ايجاد لقاح ينهي جائحة كورونا أو يخفف كثيرا من تداعياتها على الاقتصاد الوطني، وهذا ما نتمناه جميعا، ولكن الى أي مدى هو ممكن على أرض الواقع في وقت لا زالت الامور غير واضحة، واذا كان الرئيس الامريكي ترامب يبشّر بتوزيع اللقاح الاسبوع المقبل ،فان دولا أخرى تعد مع بداية العام المقبل وأخرى في منتصفه .. وهنا نتساءل متى من الممكن أن يصلنا الدّور ؟ وحتى لو تأخر دورنا في العام 2021 فهل بدء توزيع اللقاح في دول من العالم يعني انتهاء الجائحة وفتح الحدود ووقف الحظروعودة الحياة الى ما كانت عليه قبل الجائحة في دول العالم ؟.
هذه تساؤلات لا يمكن وصفها بالتشاؤمية بل بالحذرة والتحوطية والاقتراب أكثر من الواقعية.
موازنة 2021 وفقا للبلاغ الذي أعلنت عنه الحكومة أبرز رغبة الحكومة بتنشيط الاقتصاد وضخ سيولة في السوق تساعد على الاستهلاك وتزيد من ايرادات ضريبة المبيعات وذلك من خلال اعادة العلاوات لجميع موظفي الحكومة والعسكريين والمعلمين وهذا يشكل مبلغا مهما يزيد على 400 مليون دينار قادر على احداث فرق في السوق المحلية ،يضاف اليها مبالغ مهمة لقطاعات تطالب الحكومة بحقوق مؤجلة ومنها المستشفيات وقطاع الانشاءات ،علاوة على ما يمكن أن توفره الرديات الضريبية من سيولة بيد المواطنين والشركات.
الامر الآخر انتباه الحكومة لمعضلة البطالة التي تزداد وطأتها على المواطنين وعلى الاقتصاد وعلى الحكومة التي لم تعد قادرة على توفير وخلق وظائف في القطاع العام ،وهي لم تخصص مبالغ لوظائف حكومية واقتصرت التعيينات فقط على احتياجات القطاع الصحي ومستشفى الامير حمزة ، والتعليمي ، وضريبة الدخل ، فلجأت الى القطاع الخاص علّه يساعد بخلق وظائف فركزت في بلاغ الموازنة على تحفيز القطاع السياحي المتضررالاكبر من جائحة كورونا ،ودعم القطاع الزراعي والتأكيد على انها ستنتهج شراكة حقيقية مع القطاع الخاص.
ورغم تفاؤل الحكومة وتوقعاتها - غيرالمنطقية - بارتفاع معدلات النموفي 2021 الى 2.5% بعد انكماش في 2020 قد يتجاوز ( -5% ) الا انها احتاطت في بلاغ الموازنة بأن وضعت مواجهة جائحة كورونا صحيا أولوية فوضعت كل الامكانات في خدمة القطاع الصحي وتقويته وزيادة قدرته على مواجهة الجائحة وأكدت حرصها على توسعة المشمولين بالتأمين الصحي الشامل من الافراد غير المشمولين ، اضافة للتوسع في المراكز الصحية الشاملة .. وغير ذلك.
لا شك أن الحكومة أخذت بعين الاعتبار توفير اللقاحات اللازمة وتخزينها وتوزيعها ،وهي وان كانت مجانية لكنها بالتأكيد مستعدة لتوفير أية مخصصات في سبيل صحة المواطنين والمقيميبن على أرض الاردن ، كما أن بلاغ الموازنة أخذ بعين الاعتبار الابعاد الاجتماعية وركّز عليها، وسيتم الاعلان عن تفاصيل أخرى هذا الاسبوع - كما وعد رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة.
..كل ما تقدّم مجرد قراءات ، أما التفاصيل فهي عند صدور موازنة بالارقام لنرى كم ستخصص الحكومة من مبالغ من أجل : القطاع الصحي ، وكم لتحفيز السياحة ودعم للزراعة ؟ وكم ستخصص للمشاريع الراسمالية بالشراكة مع القطاع الخاص .. عندها ندرك أكثر مدى جدية وواقعية موازنة 2021 ؟.
(الدستور)