المستقبل وجائحة كورونا .. !
أ. د. صلحي الشحاتيت
27-11-2020 03:24 PM
مضى العام الأول منذ أن أعلنت الصين عن المصاب الأول بفيروس كورونا المستجد، ومنذ ذاك الوقت حتى اليوم والعالم أجمع بدوله وشعوبه المختلفة يعاني من تبعات الجائحة اقتصاديا و إجتماعيا وتعليميا.
بروتوكولات صحية واقتصادية وتعليمية مختلفة تم تجربتها بدول مختلفة نجح بعضها وفشل البعض الأخر منها، تضمنت إغلاقات كاملة أو جزئية لمدة مختلفة. والحال عندنا لم يختلف كثيرا عما حدث بمحيطنا أو في الخارج و لكن بوضع مختلف.
انتهج الأردن ومنذ اليوم الأول للجائحة سياسة وقائية صارمة؛ تضمنت رقابة على الحدود والمعابر الجوية والبرية والبحرية إلى أن أتت ساعة الصفر، عندما تم الإعلان عن أول حالة مكتشفة في الأردن لمواطن قدِم من إيطاليا، وبعدها تم تشديد الإجراءات أكثر فأكثر. ثم ظهرت فجأة الحالات المخالطة للسائحة الكندية والتي ثبتت إصابتها بعد أن عادت لبلدها، وعلى أثر ذلك أعلنت الأردن الإغلاق التام لحدودها ومعابرها، الحظر الشامل؛ من خلال إغلاق قطاعاتها المختلفة، والتحويل إلى التعليم عن بعد بشقيه العالي والعام.
بعد الإغلاقات طويلة الأمد نتج عن ذلك ضرر لقطاعات كثيرة، وبالتالي نتج ضغط شعبي واقتصادي على الحكومة دفعها لرفع قيود الإغلاق والحظر وبدون خطط واضحة ومرسومة، الأمر الذي أدى وللأسف إلى انتشار وبائي مجتمعي بشكل غير مسبوق.
مع الوقت اتضح بأننا لم نستغل فترة الإغلاق الشامل الاستغلال الأمثل؛ للاستعداد و اختبار متانة جهازنا الصحي وبنيته التحتية، وكذلك لم نقم بعمل اللازم لتطوير ودفع عملية التعلم عن بعد كما أراد جلالة سيد البلاد الملك عبد الله الثاني بن الحسين.
ومن جهة اخرى, شجعت الأزمة على الابتكار في قطاع التعليم قياسا لما قامت به العديد من الدول، وذلك بوضع نهج مبتكرة تدعم استمرارية التعلم حتى وهو عن بعد، كما وأن الأمر الذي ساعد على تطوير الحلول القائمة على التعلم عن بعد هو الاستجابات السريعة من قبل الحكومات في معظم دول العالم.
كما وقد أسندت إدارة الأزمة لقواتنا المسلحة الباسلة التي أظهرت بلاء رائعا وكانت بحق على قدر المسؤولية الموكلة إليها.
بعد العديد من التجارب التي مررنا بها نرى أننا بحاجة إلى أن نمضي قدما بوضع خطط تشمل جميع القطاعات المهمة والحيوية سواء أكانت اقتصادية او إجتماعية او تعليمية لمواجهة تبعات الجائحة في وقتنا الحالي أو في وقت ما بعدها، وأعني هنا في حالة نجاح اللقاحات المقترحة وعودتنا وبائيا لمرحلة ما قبل الكورونا. ثقة الناس بالحكومة ليست بهذا المستوى خاصة وأن المواطن يعاني بسبب الجائحة، قطاعات كثيرة تم إغلاقه، بيوت كثيرة حل بها الدمار وأخيرا النسيج الإجتماعي المهدد.
والأن، الحكومة بحاجة إلى أن تقدم سريعا بيان ثقة لشعبها على شكل خطوات حقيقية لدعم الاقتصاد والنهوض به، مع إضافة أن شبابنا قبل الجائحة كان يجتاحه الإحباط والأن مع الجائحة تفاقم الوضع، جامعاتنا ومدارسنا ليست على ما يرام والجميع يعرف ذلك.
يجب أن نكون جميعا على قدر ثقة سيد البلاد بنا حكومة وشعبا للخروج من الأزمة بأقل الخسائر وللمضي قدما نحو دولة النهضة التي لطالما نادى بها جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين على شكل توجيهات للحكومات المتعاقبة خلال فترة حكمه الميمون.
كما أن احتواء الجائحة يتطلب اتباع عدة مناهج أهمها منهج "المجتمع بأكمله" الذي يضم مختلف الوزارات، القطاع الخاص، منظمات المجتمع المدني، والمجتمعات المحلية، وأخيرا تعاون الافراد، ويجب التركيز على حماية رأس مالنا البشري في الأردن؛ لما له من أهمية في تعافي اقتصادنا ونظامنا التعليمي بشكل أفضل بعد تخطي الجائحة، اضافة إلى التركيز على الفئات الضعيفة, التعلم والخدمات الاساسية, الدخل والأمن الغذائي, تقوية أنظمة تقديم الخدمات وإمكانية الاتصال الرقمي. الفرج قادم والأمل موجود والتضامن بيننا اساس كل قادم.
نهاية, واجب علينا ألا نخذل جلالة آبا الحسين الذي وضع ثقته بشعبه الواعي وبحكومة دولة بشر الخصاونة والتي يجب ان تكون على قدر الثقة والمسؤولية أفعالا وليس أقوالا.