قصص قصيرة جداً: بذلة سموكن وشبح يغتال الغيمة
حسين دعسة
26-11-2020 11:52 PM
حدثني عن وعي الراوي، قلت خيار الموت يعيدنا إلى الأرض، غابت الفكرة عندما عبر شبح يجسدها، دنا من حاسوبي وكتب:
-اذهب الى الشارع، انتبه عليك أن تلبس ملابسك الرسمية، الموعد مهم.
قلت ما علاقة ذلك بما كتبته عن «الوعي»؟.
قال لي:
-كن بملابسك الرسمية، انتظر في وسط الشارع، ستظهر وتقول لك أسرار الحال.
لبست بذلتي السموكن، احبس نفسي فيها، فأبدو متنكرا عن بقية ايامي، وصلت عامود الانارة، فعلا كان الشبح ينتظرني، اعرفها في الحقيقة، تعرفني وتخاف من تعبي.
قلت أمام الناس:
-تعبت من الناس، اعلموا، ان في هذا الرصيف، صوراً تتناثر من السمو الإنساني الحضاري..!
قال بائع الذرة المشوية:
-مجنون ويريد إغلاق رزقنا، روح يا عم.
نظرت اليه، انا احترم فقره وعمله على عربة الشوي، ينهار مساء كل يوم عندما يصاب بغشاوة في عينيه من روائح الخشب والفحم المشتعل، عندما تغطيه أبراج من الدخان وهو يحرك الذرة.
عدت اخطب بالبشر في طبقة بعيدة تراني، قلت كأني مدمن كلام:
-يرتقي الوعي،...
«تضاحكت»، تمايلت، حركت رأسي واكملت:
-بما نشأ في حياة الإنسان، وأفعاله وحواسه، فالوعي يا عمي اسماعيل ليس في اكل الذرة، بل في معرفة لماذا علينا زراعتها؟
ترك بائع الذرة عربته وتشبث برقبتي وقال باكيا:
-عليك العوض يا عمي مروان، خلاص، لسعك السلك؟.
هي، كأنها الطيف الآخر، الشبح المجنون، حركت بلمة منها نار الشواية، هاجت النار وهاج الناس، رأيت ما لايري، قلت اتابع موعدي:
يتقدم الوعي بنا، خطوات في تطوير الذات والمجتمع، وانا كالانسان أصل بالوعي إلى الإبداع، أو الجريمة، وانا ناصح أمين:
-هيا ابتعدوا عن الشارع، قد يأخذكم سرب الأشباح، يحملكم إلى عرس ابن الباشا الذي درس الفلسفة، وفشل في الزواج وطلق امرأته الرابعة، وما زال يهذي في سرايا الأب الكبير، طامحا بالميراث، بينما العروس تنتظر زوجها المجنون، فقد طلقها عاقل، وتريد ان تعرف عالم المجانين.
توقفت، اخلت الشارع وحمل حراسها الأشباح كل من كان يتوسط الشارع، بقيت انا، واجهتني، مدت يدها وعلى جناح من حرير طافت بي، تلك المشرق والمغرب، عشنا بهجة سطوع القمر، خرير ذلك النهر الغني بالحكايات والناس والاسرار.
.. حاورتني عن أسطورة الموت، بعد الوعي، بعد اكل بقايا طبيخ بلدي، لأن البلدي يؤكل، قالت قبل غفوة ريح:
-.نحتاج الوعي رديفا للحب والجمال.
غيبني ظلها ونمت أحلم بذلك المنزل الفارغ الا من قطة، تتناسخ لتعود إلى الأرض، تحتل بيت كل من عذبها.
-عذبها؟.
غمزتني، ورسمت لي صورة حارس الحي، الذي كان يقتل القطط بهراوة مجنونة، ثم يلقي بجثثها في النهر، لتبقى الفئران تطاول خفة عقله.
تحررت من البذلة، وتوسدتني غيمة.. بدأت الشمس في اشراقة تضيء الشارع، تستطيع أن ترى الببيونة على شكل فراشة بنفسجية تتوه وسط الطين، بينما القميص الأبيض، يصل جرن الفحم المنطفئ، فيصطبع بالاسود، والحكمة، فى درب الوعي، أخجل من تلك الغيمة، تحميني يدك.. يذوب كل ما جاد به الحلم.
صرخت سيارة الإسعاف، هدير وضجيج، ينقشع البحث عني، انا، المعلق على شجرة كافور، لا يد لي، ولا رأس، تغيبني غيمة، انت شبحها، ولا يقلقني صراخ زامور سيارة الإسعاف، تأتيني ريحك فأرجو الانتباه.
البدر يأكل الغيمة.
بان وغطى بهاء طلته على تلك السماء التي ارتمت بحضني،التهم البدر الغيمة.
سطوة عابرة
نظر ينال مني، احترق من سطوتي على وقائع يومي،مسه جنون عابر، سطوة ما كانت ايضا عابرة.
فرط رمان
ضرب عصاه بين غلال الشجر،طلب فرط رمان،اخذه سيده المزارع الي دكة يصفو فيها لون الرمان
(الرأي)