يوم الأربعاء الموافق 25/11/ 2020 شيعنا بعد صلاة الظهر، قامة كريمة ورجلا عزيزا علينا، له ولأسرته من بعده، كل الاحترام والتقدير في حياته وبعد مماته، وقد شيعه الكثير من الناس من سائر الفئات والعشائر والمواطنين والرسميين، رغم جائحة كورونا، وكانت مؤشرا على ما كان يحظى به المرحوم من الاحترام والتقدير عند الناس.
المرحوم المهندس منير حسني صوبر (أبو انزور) كان رجلا متواضعا بكبرياء ولم يكن متكبرا، ولطيفا برقي ولم يكن مُسْتَضْعَفا، ولا يتوانى عن خدمة من يطرق بابه من أصحاب الحاجات، رغم انه لم يكن بحاجة أصلا، قليل الكلام موزون الكلمات، قريب الى النفس والناس، حكيم وشخصية وازنة.
يعمل بعيدا عن التحزبات، ولا يعرف التفرقة ولا السعي بالنميمة بين الناس، وانما يعتبر نفسه ابن الأردن بعامة وابن وادي السير والدائرة الخامسة بخاصة، فنال احترام الجميع، وكان ذلك واضحا في صناديق الاقتراع، عندما كانت ترده الأصوات من سائر الفئات من أهالي وادي السير والدائرة الخامسة، مثلهم نائبا في البرلمان لأكثر من مرة.
فقد أمضى عمره في خدمة وادي السير واهلها، دون ان يمن على أحد، كتوم لا يعرف النفاق ولا التلون، وانما يقول رأيه وقناعته، ولكن في منتهى الادب والتقدير لمن يختلف معه في الراي والقناعة. يجمع بين الناس ولا يفرق، ولا يعرف اللؤم والحقد والثأر الى قلبه سبيلا ولا في نفسه مكانا
من هنا: كانت علاقاته مع الناس (صفر عداوات)، و(صفر مشاكل)، يشاركهم افراحهم واتراحهم، وكان زاهدا رغم ما اتاه الله من المال والجاه والاسرة المحترمة، يتغاضى عن الأذى والمضايقات، ويصم اذنيه عن الكلام الفاحش ويفتحها للكلام الطيب. ويترفع عن الخوض في اعراض الناس وخصوصياتهم، ملتزم لأسرته ايّما التزام، رجل خجول من غير ضعف، وحازم من غير عنف، يعمل بقناعاته بغض النظر عن رضى او غضب فلان او علنتان،
وحيث انه صادق في القول والعمل، احبه الصادقون لصدقه، حتى وان اختلفوا معه في الراي. فهو من أعمدة وادي السير والدائرة الخامسة، وسيبقى في الذاكرة الى امد بعيد رحمه الله
وهو كما قال الشاعر العربي الجاهلي الحكيم (السموأل بن غريض بن عادياء الأزدي من اهل المدينة / الحجاز). في قصيدته اللامية الرائعة، وهي من عيون الشعر الجاهلي
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ = فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
الى ان يقول: تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا = فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ
نعم ان الكرام قليل، بل ما اقل الكرام في هذه الدنيا، ومنهم فقيدنا المرحوم المهندس منير صوبر، الذي لم يعرف اللؤم ولا الحقد، فصار
كل رداء يرتديه جميل ومقبول ومحبوب عند الناس، مهما كان هذا الرداء.
واتقدم من أبنائه وبناته واسرته واصهاره وذويهم وعشيرته باحر التعازي، سائلا الله سبحانه ان يتغمده في رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهمهم جميعا الصبر والسلوان،
وانا لله وانا اليه راجعون