بداية المؤامرة تعني إجراء مشاورات بين طرفين تفضي إلى اتفاق على الإيقاع بطرف ثالث والحاق الضرر والاذى به. وهي بهذا المعنى مؤداها التخطيط والكيد والمكر والضغينة الصادر من دولة أو حكومة او منظمة اوجماعة او فرد باتجاه طرف اخر من الصنف نفسه.
لا يستطيع احد إنكار وجود المؤامرة في الواقع على مر التاريخ فالصراع البشري سمة من سمات هذا الكون الذي تتنازعه المصالح الدوليه والجماعية والفردية على حد سواء.

وما هذه الحروب الفعليه والحروب الباردة والصراع العلني والخفي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا الا ثمرة من ثمار المؤامرة محل البحث. ومنها الصراع على زعامة العالم عبر التكتلات والتحالفات والسباق في صناعة الاسلحة وتطويرها والسباق الاقتصادي في استغلال الموارد وحيازة الإنتاج الكبير والسيطرة على الأسواق وصناعة رأس المال والتكنولوجيا المتقدمة كاحدى وسائل السيطرة البشريه.

وأما نظرية المؤامرة فهي شىء مختلف حيث يعتقد بعض الناس أن هناك جهة مركزية تعمل بشكل خفي على السيطرة على العالم وفرض أهدافها وغاياتها ومن خلال ذلك تستطيع التحكم بمصائر دول قائمة بحالها وفرض سيطرتها عليها وتوجيه الأحداث بالوجهه التي تراها مناسبة لمصالحها وانها تمتلك هذه القدرة الفائقة ولا يستطيع احد ان يعيق مسارها

وهذا في الحقيقة تسليم مفرط واستسلام وإلغاء لدور الارادة الذاتيه ومحو لكل الأوراق التي يمكن أن يلعب بها الطرف الأخر المستهدف.

نظرية المؤامرة تكاد تكون وهما يسيطر على عقلية من يؤمن بها ويخضع نفسه لتفاعلاتها ونتائجها وإلغاء لدور العقل وتسخير الامكانيات المتاحه وتطوير الذات لصد اي مكر او تخطيط او اعتداء على اصحابها.

ونعود هناء إلى فيروس كورونا وأعتقاد كثير من الناس انه مؤامرة على العالم تقف وراءه الدول العظمى او الحركة الماسونيه او الصهيونية العالمية بتصنيعه ونشره للقضاء على جزء كبير من السكان وتقليص عدد سكان العالم إلى مليار واحد يحيث يسهل قيادته والسيطرة عليه وهو امر لا يمكن تصديقه او البناء عليه إذ ان نسبة الوفيات من عدد المصابين لا تتجاوز ٣،٥٪ وهذا يعني لو ان كل سكان العالم اصيبوا فلن تتجاوز الوفيات ٢٧٠ مليونا على الرغم من استحالة إصابة جميع سكان العالم به ثم اذا كان هناك دولة عظمى قامت بصناعته فيفترض انها قادرة على التحكم به وإيجاد مصل يوقفه فلو ان أمريكا هي التي انتجته فلماذا لم تحمي نفسها من مخاطره.

ونخلص من هذا ان المؤامرة موجودة وان نظرية المؤامرة هي مجرد وهم يحتقن في اذهان اصحابها وافتقاد للارادة وتكبيل للذات وخروج من القدرة على تحمل المسؤولية والاجتهاد في مقاومة الضرر. ولذا فإن عدم التصديق بوجود فيروس كورونا أدى إلى إهمال في إجراءات السلامة العامة واخذ الأمر على محمل الهزل والاستهتار فأدى الى تفاقم الوضع الصحي المتردي وزيادة عدد الاصابات والوفيات على حد سواء

وهذا من ثمار الاخذ بنظرية المؤامرة.