نتائج الانتخابات النيابية: غضب ونقاش متوقع
د. زيد نوايسة
23-11-2020 11:14 PM
في كل دورة انتخابية يتكرر الحديث عن شبهات تخللت الإجراءات والنتائج وتوصف بأنها الأسوأ هذا كان حاضراً في الانتخابات النيابية الأخيرة وسيكون حاضراً في أي انتخابات مستقبلاً.وسيبقى جزءا من الحوار السياسي الدائم يوظفه كل طرف لصالحه وحساباته.
لا مفاجأة إذا، فمن الطبيعي أن يشيد بنزاهتها من حصل على المقعد النيابي وهذا حال مائة وثلاثين نائباً بينما يرى من خسروا المقعد وهم أكثرية المترشحين أن الشبهات تحوم حولها سواء من ناحية اتهام الدولة بدعم مترشحين أو إقصاء البعض او تغاضي الهيئة عن ظاهرة شراء الأصوات.
في هذه الانتخابات كان الصوت مرتفعا اكثر، فقد جرت في ظرف وبائي غير مسبوق وبقي الناس يراهنون على التأجيل بفعل جائحة كورونا ولكن الهيئة المستقلة للانتخابات رأت على ما يبدو أن فرصة اجرائها الآن أنسب لأن أحدا لا يعرف تطورات الوباء خلال الاسابيع والأشهر القادمة وخوفا من الوصول لمرحلة تحول دون اجرائها وتلافياً لأي عقبة دستورية.
هجوم كبير على مواقع التواصل الاجتماعي امتد لتقرير في واحدة من كبريات الصحف العالمية، يشكك بنزاهة النتائج ويصفها بالانتكاسة الديمقراطية الأسوأ على الإطلاق في تاريخ الحياة السياسية الاردنية ولكن بصمات المتضرر من النتائج سياسياً في عمان كانت حاضرة في التفاصيل.
بالرغم من ارتفاع الأصوات المحتجة على النتائج إلا أن الملفت هنا أن من بين مئات المعترضين على نزاهة الانتخابات والذين ساهموا عبر منصات التواصل الاجتماعي بزيادة حدة الغضب والتشكيك لم يتقدم للطعن امام القضاء الاردني إلا قضية واحدة سجلت في دائرة الكرك الانتخابية.
لا أحد يستطيع الجزم بأن المجلس الجديد اسوأ من الذي سبقه، هناك 99 برلمانيا جديدا، صحيح أن الخبرة تنقصهم وصحيح أن غالبيتهم مستقلون ولكن الحكم على ادائهم البرلماني ما يزال مبكراً ومن الظلم لهم وغير الموضوعي إصدار الأحكام القطعية.
بنفس الوقت علينا ألا ننكر أن فشل القوى الحزبية هو امر غير مفاجئ وان القياس على نجاح بعض مناصري الاسلام السياسي محكوم بأسباب مختلفة وغالبا تحملهم قواعدهم العشائرية والمناطقية والهوياتية.
عدم تمكن المرأة من الاختراق خارج الكوتا هو مؤشر غير ايجابي ولكن الملاحظ أن مشاركة المرأة انتخابيا كانت الأقل بينما كانت الأكثر ترشحاً وهو ما ساهم في تراجع حضورها.
تراجع النسبة العامة لـ30 % امر مقلق بالتأكيد ولكن يجب أن يأخذ هذا في سياق الظروف التي جرت فيها الانتخابات وهي انتشار الوباء، في الظروف المثالية كانت النسبة العامة لا تتجاوز 36 %، والكل يعلم أن هناك فئة مترددة تاريخياً في المشاركة السياسية ليس لأن لديها موقفا من الانتخابات بل لأنها تعتقد أنها غير معنية وهذا يجب أن يقبل ويستوعب في العملية الديمقراطية.
لا يمكن الإقرار بأن قانون القائمة النسبية المفتوحة الذي جرت عليه الانتخابات للمرة الثانية قانون مثالي ولكنه بالتأكيد تطور نسبي على قانون الصوت الواحد وبنفس الوقت علينا الاقرار أنه عاجز عن تقديم منتج سياسي مختلف، وهذه ليست مشكلة القانون فقط بل هي جزء من ثقافة وتركيبة المجتمع التي لا يمكن تجاوزها في النهاية، فالناس هم من ينتخبون وينحازون لمن يمثل بيئاتهم التي ينتمون لها.
في النهاية الانتخابات جرت وأمام المجلس الجديد مهمة اساسية وهي العمل مع الحكومة والهيئة المستقلة وبالشراكة مع الاحزاب على طرح قانون الانتخابات للنقاش العام وصولاً لصيغة توافقية قد تفضي لقانون ثابت ومستقر.
لعل من نافل القول إن اختصار معيار نجاح الانتخابات أو فشلها بهيمنة تيار سياسي معين دون غيره هو أسوأ تفسير للديمقراطية.
(الغد)