وصف الوزير حسين الشيخ والذي يتولى تنسيق الاتصال مع إسرائيل، عودة التنسيق مع الاحتلال بأنه انتصار بعد تلقيه رسالة مكتوبة تعهدت فيها تل أبيب العودة للاتفاقيات الموقعة بين الطرفين، وهي الرسالة التي تسلمها الشيخ من كميل أبو ركن منسق شؤون الاحتلال في الضفة الغربية.
وبموجب «الانتصار الافتراضي» للشيخ على الاحتلال من المفترض وقف الأعمال الاستيطانية في الضفة وفي القدس الشرقية ووقف اجراءات ضم غور الأردن وإزالة الحواجز من مداخل المدن ووقف الاعتقالات فيها وغيرها من الاجراءات التزاماً بـ «اوسلو» ولكن في حقيقة الأمر كل هذا لم يحصل ولن يحصل وما قاله حسين الشيخ يجافي الحقيقة فقد كشف الصحافي الإسرائيلي «غال بيرغر» نص الرسالة المشار إليها والتي ركزت فقط على نقطة واحدة ألا وهي قيام إسرائيل بجمع الضرائب لحساب «السلطة» حيث جاء فيها أن «إسرائيل تواصل جمع الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية» وأشار أبو ركن في رسالته أيضاً إلى أن إسرائيل ملتزمة بالإطار القانوني للاتفاقيات بين الجانبين المالية منها وقضايا اخرى لم يسميها، وهنا نلاحظ أنه لم يقل السياسية ولم يقل اتفاقيات اوسلو، وأكد في رسالته المقتضبة على جوهر القضية ألا وهو «مال الضرائب» حيث قال: (إن إسرائيل تواصل جمع الضرائب للسلطة الفلسطينية. وللأسف، السلطة الفلسطينية هي من قررت عدم تسلم هذه الأموال المجموعة من قبل إسرائيل».).
مما سبق يتضح أن رسالة حسين الشيخ في السابع من تشرين الأول الماضي التي لم يكشف النقاب عن فحواها إلى اليوم والموجهة لكميل أبو ركن قد ركزت على بند العودة لدفع أموال الضرائب التي يقتطعها الاحتلال لصالح «السلطة» وليس أي شيء آخر، وهذا الاستنتاج هو أقرب للحقيقة لأن أبو ركن يؤكد للشيخ في رسالته «إن إسرائيل تقدم الأموال ولكن أنتم ترفضونها»، وهذا بمجمله يعد انتصاراً إسرائيلياً جاء بعد ثمانية شهور من قرار الرئيس عباس في أن «السلطة» و"المنظمة» في حل من الاتفاقيات الموقعة مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية.
أما الدافع الآخر في تقديري لقبول «السلطة» لرسالة أبو ركن «الهزيلة» واعتبارها انتصاراً هو شعورها بالخطر على مصيرها بعد العزلة السياسية التي باتت تعيشها وفتور علاقاتها مع محور دول الاعتدال العربي وبخاصة السعودية ومصر والإمارات وعدم وضوح الأفق السياسي للمرحلة القادمة وتحديداً مع إدارة بايدن المعروفة بعلاقاتها «الحارة» منذ عهد أوباما مع قوى الإسلام السياسي في العالم العربي والإسلامي، هذا بالإضافة للضبابية الشديدة لمرحلة ما بعد أبو مازن والصراع المحتدم بضراوة بين بعض قيادات «فتح» لكسب ود الاحتلال، حيث بات واضحاً أن الاحتلال سينحاز لدعاة «التنسيق الأمني المقدس ومن أبرزهم حسين الشيخ».
(الرأي)