لا تلوموا المواطن .. لوموا انفسكم
د. عدنان سعد الزعبي
22-11-2020 10:54 PM
اذا اسقطت كورونا ترامب عن الرئاسة الامريكية ففي كورونا كشفت حقيقة وصدق الحكومات في العالم وقدرتها على ادارة هذه الازمة في بلدانها برؤية واقتدار وحكمة.
الصين بمليارات سكانها والهند بمئات الملايين تعاملت بمصداقية ووضوح واخلاص، فالتزم الناس عندما وجدوا ان حكوماتهم تفعل ما عليها وتقوم بمسؤولياتها وتتعامل مع الحاضر وتهيء للاسوء بالمستقبل وتحضر له بل تسعى للحد منه؟.
ولكن ما هو وضعنا فاليوم وكل يوم نفجع برحيل أناس الفناهم في حياتنا في الحارة والشارع والمدينة. الفناهم في العمل وفي المواقع وفي المناسبات، نفجع كل يوم وقد تعبت ايادينا من رسائل التعازي والمواساة، ومن شعور الالم الذي اصبح صاحبنا المرافق والذي لا يغادرنا. فجعنا ونحن نرى بان اعداد الوفيات والموجودين على اسرة العناية الحثيثة والاعداد الهائلة التي تصاب فاقت وتتجاوز بنسبها ما تشهده الصين و ايطاليا حتى غينيا ،فمثل هذه الدول ودول كثيرة في العالم استطاعت ان تجد المسار الذي تتعامل به مع الكورونا والحد من انتشاره وتقليل مخاطره، واتخاذ الاجراءات التي تضمن حماية الناس باعتباره الاولوية الاولى بغض النظر عن الاثار الاقتصادية والاجتماعية.
ولكن ماذا جرى بالاردن ولماذا تفاقمت الامور بعد ان وصلنا لتسجيل حالة الصفر على مدار اسبوع دون اصابات ودون حالات مستبشرين بتجاوزنا لحالة المرض وقلقه. فلماذا عاد الفيروس بقوة ولماذا انتشر بشكل اسرع ولماذا تطور الامر لحالات الوفاة التي بلغت لحد الان العشرات في المملكة حتى اصبحنا نتعود على حالة المآسي والفواجع وما يصاحبها من قصص واشاعات. فهل هناك سر خفي وراء ذلك حتى ذهب بالناس لعدم تصديق ما يقال من الحكومة ام ان المشكلة اساسا بالمواطن وعدم وعيه كما تردد دائما الحكومة.
ولماذا نلصق الامور بالمواطن المتلقي والخاضع لكل ما تأمره الحكومة وملتزم به، حتى ان واقع التهم الموجه للمواطن جعله يخرج عن طوره ويصاب بالاحباط المطلق. فهل سأل الحكومة لماذا فتح معبر جابر والكرامة وخطأ الحكومة بذلك مما سمح للفيروس بالدخول مرة اخرى وانتشاره بسرعة وخاصة في الرمثا ومحافظة اربد وهل حالات الحجر والهرب منه للعائدين للوطن ساهم بانتشار الفايروس، وهل اطمأن المغتربين من دور سفاراتنا وتواصلها معه حتى يخفف العبء عليه بالعودة للوطن ومفاقمة المشكلة، أليس سوء الادارة وسياسة الكذب وعدم المصارحة وضعف الاجراء الحازم الذي اوهم الناس بان كورونا كذبة معاصرة وحالة سياسية.
لا يجوز ان نحمل المواطن مسؤولية الواقع الوبائي، فالشعب الصيني البالغ مليار ونصف والشعب الهندي البالغ 800 مليون والشعب الصومالي او الافريقي ليس بافضل ذكاء او وعيا او التزاما من الشعب الاردني ولم يصلوا للمرحلة التي وصلنا اليها.
من الطبيعي لاي حكومة عاجزة ان تختار اسهل التبريرات لتعلق عليها فشلها , فالمواطن اصبح الشماعة التي دفعت بالحكومة التركيز على حالة الفوضى التي سادت الانتخابات ،فضعف الحكومات وضياع هيبة الدولة بالادارة الحكومية المترهلة والشلليات والواسطات وضعف رموز القيادات الحكومية ووزرائها وتنمر السياسيين والحزبيين والمهنيين وبالتالي قادة الرأي والنخب على هذه الحكومات دفع ببعض الناس ايضا على التنمر و ما حدث بعد الانتخابات من مظاهر فوضى وخروج على القانون انما صورة حية من هؤلاء على تحديهم لهيبة الدولة الضائعة ، حيث جهروا بذلك وتفاخروا ، بل ذهب ببعضهم لان يستعرض بطفل هذا الاستهتار بهيبة الدولة ؟.
المواطن والمواطن ومن ثم المواطن لا يمكن ان يكون تبريرا دائما، فالمواطن يريد ان يعيش فمن اين سيحصل على قوته واين برامج وخطط التعويض الناجعة , فلا كورونا ولا قوانين الدفاع ستحول بينه وبين عملا يحقق لاطفالة لقمة العيش،واين الاجراءات والمريض الباحث عن ابرة انسولين او حبة ضغط او مميع للقلب لا يجدها عبر منصات الصحة، حتى غذاء المواطن وشربه تعرض للتهديد فاي برامج وخطط وخلية ازمة ومؤسسات ووزارات؟
فقد المواطن الثقة بعدما وجدنا ان نظامنا الصحي رجل عجوز غير قادر على الصمود لاكثر من اشهر، وان القطاع الخاص الصحي وجد من كورونا فرصة لتعبئة قاصاته وارصدته وعلى حساب المواطن دوان ان يقدموا شيء من الملايين التي جمعوها ؟.
لم نجد مؤسسات كبرى ثرية تقف وقفة قوية صامدة صادقة مع الوطن في مواجهة المشكلة، بل لم نجد حكومات ووزراء صادقين يعيشون مع المواطن بهمومه و مشاكله ومحاولة التخفيف عنه ميدانيا، بل على العكس لم نجد غير الاستعراض والخطابات المنمقة والفارغة بنفس الوقت / لم نجد استنفار المؤسسات والتهيئة لاسوأ الاحتمالات بل عشرات القرارات الخائفة المرتجفة المتراجعة والمتناقضة والنتيجة ضياع عند المواطنين.
انتبهو ايها السادة هذا ما فعلت ايديكم ولا تلوموا المواطن الذي امتثل لما تأمرون، والحفنة الضالة ليست هي كل الاردنيين ولا يجوز التعميم الظلم واستعراضات بطولة المسؤولين باسقاط اللوم على المواطن اصبحت اسطوانة مشروخة. انظروا ماذا يحصل في الرمثا ومعان واربد والزرقاء وبقية مناطق المملكة، فهل فاتورة الموت والاصابات اقل من فاتورة ما حققناه على الصعيدين الخارجي والداخلي للانتخابات البرلمانية , اولم يكن الامر افضل لو اجلناها لحين وثقنا فيه من واقعنا الصحي.