لا أظن أن في بلادنا مشكلة استعصت على الحل أكثر من استعصاء البطالة. حتى اليوم ومنذ عقود لم يتمكن أحد من تقديم وصفة ناجحة للحد من تمدد البطالة التي أثرت على أحلام وتطلعات الآلاف من الشباب والشابات.
في كل مرة تشكل فيها حكومة جديدة؛ ويصدر عنها بيان تطل البطالة من معظم فقرات الخطاب وتتسلل مفردات التنديد واللوم إلى خطب النواب الجدد المتحمسين فيستعيدون ويستلون الكثير من الجمل والشعارات من خطب الخلفاء وأقوال الساسة حول الفقر والبطالة وأهمية العمل وتوفيره، والكثير من العبارات التي توهم العاطلين عن العمل بأنهم قاب قوسين أو أدنى من الوظائف والأعمال التي أعدوا للقيام بها.
المؤسف أن الكثير من تدخلاتنا للحد من البطالة وتوليد فرص العمل لا تتعدى الوعود بالعمل وإعادة التدوير لبرامج ووصفات قديمة سبق أن جربت وفشلت في إحداث أثر واضح على واقع البطالة والتشغيل في البلد الذي يستقدم أكثر من مليون عامل من كل البلدان التي يرغب المستثمرون وغير المستثمرين باستقدام العاملين منها.
خلال الأسابيع والأشهر الماضية كشفت الجائحة وجود جيوش من العمال الآسيويين في مدن ومناطق مغلقة تستفيد معظمها من الإعفاءات الضريبية ويفرض أصحاب الاستثمارات شروط الاستقدام والاستخدام خارج سياسات الاستقدام والنسب المعلنة للتشغيل.
وسط هذه الحالة تسلم أحد أكثر شباب الأردن حماسا لرفع الوعي وربما أكثرهم جرأة على نقد السياسات الحكومية موقع وزير العمل ووزير الاستثمار في بادرة تعبر عن حسن نية الحكومة ورغبة صناع القرار في توظيف كل الإمكانات التي تفصح عن ذاتها وتطرح أفكارا منطقية لمجابهة التحديات التي تواجه البلاد منذ عقود.
بالرغم من أن الرصيد الشعبي للدكتور القطامين كبير إلا أن ذلك لم يمنع البعض من أن يتساءل حول ما يمكن أن يقوم به الوزير في حكومة كان من المفترض أن تكون مهامها الرئيسية المتوقعة منصبة على إدارة الجائحة والانتخابات.
المعالجات التي قامت وستقوم بها الحكومة لا ولن تتعدى تجديد الوعود واللعب بالأرقام التي تخلق الوهم بأن شيئا ما يحصل هنا أو هناك. ما لم يصدر عن الحكومة إستراتيجية شاملة تقول إن الحكومة الأردنية ستوفر من خلال الإحلال أو التوسع أو التوليد لفرص العمل 300000 فرصة عمل، فإن كل ما يقال عن 150 قرضا هنا والطلب إلى المستثمر أن يشغل نسبا أعلى هناك، كلام لا يحل مشكلة.
في موسم قطاف الزيتون الحالي يوجد آلاف الأسر التي هبت مع أطفالها وكامل أفرادها للعمل في هذا الموسم لمحاربة الفقر على طريقتها وليس طريقة الحكومة. الأردنيون لا يبتعدون عن الأعمال بدافع ثقافة العيب كما يدعي بعض من يحلو لهم لوم المواطن على كل مشكلة والتنافس على من يستحق الثناء عند كل إنجاز مهما كان متواضعا. في دوقرة وزيزيا والبقعة والرصيفة والضليل هناك مئات العائلات التي شكلت فرقا للبحث عن مقاولة صغيرة هنا أو عمل بأجر لبضعة أيام في قطاف الزيتون وخدمة المزارع.
الأردني تواق إلى العمل إذا ما وجد نظاما يغير وحدة قياس الأجر لتصبح الساعة بدل الشهر واليوم بدل الأسبوع وتنظيمات تعلن عن الأعمال المتوفرة وتدعو الناس للالتحاق بها ونيل حقوقهم ضمن شروط الكرامة والعدل والاحترام.
الغد