بين البطالة و الانتاجية .. عبد المنعم عاكف الزعبي
عبد المنعم عاكف الزعبي
04-04-2010 02:50 PM
تقف معدلات البطالة في الاردن حاليا عند مستوى 12.4%، ما يبدوا للوهلة الاولى معقولا اذا ما قورن بمعدل البطالة في اكبر اقتصاد عالمي (امريكا) و القابع حاليا عند 10%. كذلك, تظهر الارقام الرسمية تفوق معدلات البطالة على نفسها في السنوات الاخيرة, حيث انخفضت من 13.9% عام 2006 الى 12.4% حاليا. الارقام و المقارنات السابقة قد تكون مغلوطة و مضللة تفتقر الى الموضوعية اذا اخذ عامل الانتاجية بعين الاعتبار.
في مقال نشرته مجلة الايكونوميست, تم التنويه الى تفوق سوق العمل الامريكي على نظيره الاوروبي رغم تساوي معدلات البطالة في الاقتصادين عند مستوى ال10%. اما السبب وراء ذلك, فيعود الى سلاسة تشريعات التوظيف الامريكية مقارنة بتلك الاوروبية و التي تضع محددات مالية و قانونية اكبر على تسريح الموظفين. عليه, تواجه الشركات و المؤسسات الاوروبية حاليا نسب بطالة مقنعة مرتفعة قللت من معدل انتاجية موظفيها اذا ما قورنت بنظيرتها الامريكية.
يستنتج المقال, ان الانتاجية المرتفعة في امريكا و الناتجة اساسا عن جهاز وظيفي رشيق تعني بالضرورة ان نمو الاقتصاد الامريكي سيترافق من نمو مضطرد لمعدلات التوظيف و انخفاض مقابل في معدلات البطاله. على النقيض من ذلك، سيكون تجاوب سوق العمل الاوروبي بطيئا للنمو الاقتصادي حيث ان الشركات و المؤسسات هناك تحوي بالاصل على موظفين بمعدلات انتاجية منخفضة, مما سيوجه الشركات عند تعافي الاقتصاد الى محاربة البطالة المقنعة عن طريق الضغط على موظفيها لزيادة انتاجيتهم عوضا عن تعيين الجديد منهم.
اما و عودة الى ارقام البطالة الاردنية, فهي بلا ادنى شك تترافق مع معدلات انتاجية اقل من نظيراتها العالمية و الاقليمية. فقد دفعت الاعراف و التشريعات و الثقافة الاردنية بسوق العمل المحلي نحو الترهل, مما قلل تاثره بمعدلات النمو الاقتصادي صعودا و هبوطا. فنفقات التوظيف في الحكومة و التي تعتبر المشغل الاكبر في الاقتصاد, حافظت على نفسها بل و ازدادت رغم انخفاض النمو الاقتصادي من 7% الى 3%!!
بالتالي، فانه من غير المتوقع ان نشاهد معدلات البطالة الاردنية اقل بكثير من 12.4% عند معاودة الاقتصاد الاردني نموه التصاعدي.
12.4% رقم لا يعبر ابدا عن وضع و صحة سوق العمل الاردني, اذا ما اخذت البطالة المقنعة و الانتاجية المنخفضة حيز الاعتبار.