إفرازات كل إنتخابات جديدة يكون نتاجها نواب جدد منتخبين يدخلون المجلس لأول مرة؛ وفِي هذا العام على سبيل المثال دخل قرابة المائة نائب جديد ولأول مرّة من أصل مائة وثلاثين نائباً؛ مما يُؤشّر لإضطراد أعداد النواب الجدد كمؤشر على إرادة شعبية أساسها التغيير والإصلاح؛ ويبدو تغيير الوجوة على سلّم أولويات الناخبين حيث سئم الناس كثيراً من الوجوة القديمة وخصوصاً المتكررة منها لأن درجة فعالية كثير منها في المجالس السابقة كلاسيكية وروتينية دونما مشاركة فاعلة في عمل المجلس؛ وبالمقابل النواب المخضرمين أصحاب خبرة وبعضهم فعاليته عالية وتواصله ناجح لكنهم يؤمنوا بالسطوة على المجلس وربما يتحسسوا من الأعضاء الجدد في حال رغبتهم بالمناصب القيادية في رئاسة المجلس أو اللجان؛ فبين هذه الرؤية وتلك يجب المواءمة بين الأصالة والمعاصرة في مجلس النواب:
١. النواب المخضرمون أصحاب خبرة وحكمة ومهارات عالية في التواصل وفهم القوانين والنظام الداخلي وغيرها؛ ولهم باع طويل في القيادة واللجان والتعامل مع القوانين ومع الحكومة؛ ويشعرون دومتً بأحقيتهم برئاسة المجلس واللجان المختلفة بناء على الخبرة والسيرة الذاتية التي يمتلكونها؛ فهؤلاء النواب بنوا سمعة طيبة وعززوا خبراتهم القيادية والتشريعية وفي الرقابة والمساءلة.
٢. النواب الجدد بالمقابل يمتلكون الهمّة العالية ومتحمسون جداً للعمل تحت القبة من خلال محاولاتهم لرئاسة المجلس وبعض اللجان؛ لكن تنقصهم الخبرة النوعية تحت القبة؛ ومع ذلك لهم الحق كغيرهم في التنافس الشريف للحصول على ما يصبون إليه؛ فهؤلاء النواب أبناء وطن ويتطلعون لأحقيتهم كأكثرية في إستلام زمام الأمور في المجلس وخصوصاً لمناصب الحاكمية فيه.
٣. الدخول في السباق صوب رئاسة المجلس حق مشروع للجميع؛ لكن التريث مطلوب والخيار للأكفأ ولمن يمتلك الأصوات القادرة على إيصاله؛ وبالطبع لن يتم ذلك سوى من خلال تشكيل كتل برلمانية طويلة الأمد لا هلامية تنقشع حال ظهور الشمس؛ وهذه الكتل من المفروض أن تكون عوضاً عن الأحزاب السياسية لتكون فاعلة في المجلس وتمتلك برامج وخطط وسياسات قابلة للتطبيق وبتكاملية مع الحكومة.
٤. سواء نائب مخضرم أم جديد فلكل حسناته وسيئاته؛ لكن الدستور يسمح للجميع بالرئاسة والتقدّم لها وكذلك اللجان الفرعية للمجلس؛ لكن مطلوب حراك بين النواب الجدد لتمثيلهم بالحاكمية؛ وربما النواب الجدد فرصتهم أقوى من حيث عددهم في حال شكلوا كتل قوية ودعموا بعضهم.
٥. هنالك بعض السيناريوهات التي يتم طرحها دوماً لتركيبة رئاسة مجلس النواب ومكتبه الدائم؛ إحداها ينبني على خيار إعطاء الرئاسة لنائب مخضرم ونائبه يكون من النواب الجدد؛ وهذا الخيار نواءم فيه بين الحكمة والخبرة من جهة وبين الهمة والحماس لتدريبهم على طريق الرئاسة من جهة أخرى؛ وبحيث يتم تبادل الأدوار لاحقاً بعد نهاية مدة رئيس المجلس والبالغة سنتان.
٦. زمن الإصطفافات العشائرية والفزعات لإنتخاب رئيس المجلس مفروض أن تكون قد ولّت إلى غير رجعة؛ والمفروض أن يحل مكانها الكتل والإئتلافات على سبيل العمل الحزبي لاحقاً؛ وبالرغم من قناعتي أن ذلك يتأثر بدرجة رضى الناخبين على النواب ودرجة الثقة التي أولوها لهم؛ إلإ أن ذلك يبقى ضرورة دستورية يجب الخروج منها بقصة نجاح.
٧. أزمة الثقة التي يعيشها السادة النواب مع قواعدهم الإنتخابية ستشكل هاجس كبير في معركة إنتخابات رئيس المجلس؛ وبالطبع سينعكس ذلك على خيارات رئيس مجلس النواب ليكون قادر على إدارة أو قيادة للمجلس أم لا!
بصراحة: رئاسة مجلس النواب ركيزة أساسية ومهمة لإنجاح الديمقراطية والعمل مع الحكومة بتشاركية تحت القبة؛ والنواب الجدد أصحاب الهمة والإندفاع لهم الحق في الحصول على مواقع قيادية بالمواءمة مع النواب المخضرمين أصحاب الحكمة والمهارات؛ والمهم أن يكون النواب الجدد والمخضرمين على قدر أهل العزم للمضي قدماً في عملية الإصلاح التي يتبناها جلالة الملك حفظه الله على سبيل خدمة المواطن من خلال تشريعات عصرية فاعلة.
صباح الوطن الجميل